للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعين لمراقبة سلوك كل مدرس وتبلغ رؤساء النقابات كل ما تراه من شذوذ أو عيب في هذا السلوك (٤٦). وإذا ما بدت هذه القواعد لطالب هذه الأيام معقولة إلى درجة غير عادية، وجب عليه أن يذكر أن طلاب الحقوق في جامعة بولونيا كانوا رجالاً بين السابعة عشر والأربعين من عمرهم، وانهم كانوا في سن يستطيعون وهم فيها أن يؤدبوا أنفسهم؛ وانهم جاءوا للدرس لا للعب، وان الأستاذ لم يكن موظفاً عند أمناء الجامعة، بل كان محاضراً حراً يؤجره الطلبة في واقع الأمر لكي يعلمهم. وكان مرتب المدرس في بولونيا يتكون من الأجور التي يؤديها طلابه ويحدد اتفاق يعقد معهم. ثم غير نظام الأداء حوالي آخر القرن الثالث عشر حين عرضت المدن الإيطالية، حرصاً منها على أن يكون لها جامعات خاصة بها، مرتبات تؤديها البلديات إلى بعض أساتذة بولونيل؛ فما كان من مدينة بولونيا نفسها وقتئذ (١٢٨٩) إلا أن وعدت بأداء مرتب سنوي لاثنين من الأساتذة؛ ولكن اختيار الأساتذة ظل متروكاً للطلاب؛ وقد زاد عدد هذه المرتبات السنوية التي تؤديها البلديات شيئاً فشيئاً، حتى إذا كان القرن الرابع عشر انتقل اختيار الأساتذة وانتقلت مرتباتهم إلى المدينة نفسها. ولما أصبحت بولونيا جزءاً من الولايات البابوية في عام ١٥٠٦ صار تعيين الأساتذة من اختصاص السلطات الكنسية.

بيد أن جامعة بولونيا انطبعت في القرن الثالث عشر بروح علمانية تكاد تكون معادية للكنسية، وقلما نجد في غيرها من المراكز التعليمية الاوربية، وجرى غيرها من جامعات إيطاليا على هذا النسق وان لم تبلغ فيه ما بلغته جامعة بولونيا، فبيننا كانت كلية أصول الدين أهم الكليات في هذه الجامعات الاخرى، لم يكن في بولونيا كلية دينية على الإطلاق قبل عام ١٣٦٤، بل حل القانون الكنسي فيها محل علم اللاهوت؛ وحتى علم البيان نفسه قد اتخذ صورة القانون، بل أن فن الكتابة نفسه أضحى- في جامعات بولونيا، وباريس، وأورليان،