ومنبلييه، وتور، … فن كتابة الوثائق القانونية، أو التجارية والمالية، أو الرسمية، وكانت درجات جامعية خاصة تمنح في هذا الفن (١٧). وكان من الأقوال الشائعة اقرب ما يمكن الحصول عليه من تعليم إلى الأحوال الواقعية هو الذي يتلقاه الطلاب في بولونيا؛ وترى أحد القصص المتداولة أن أحد علماء التربية الباريسيين نقض في بولونيا ما علمه في باريس، ثم عاد إلى باريس فنقص ما علمه في بولونيا (١٨). وتزعمت بولونيا في القرن الثاني عشر الحركة العقلية في اوربا، فلما كان القرن الثالث عشر تركت تعليمها يجمد حتى أضحى فلسفة القانون مدرسية كلامية آسنة، وحتى أضحى الشروح الأكورسية نصاً مقدساً لا يكاد يقبل التغيير، ويعطل تكييف القانون تكييفاً تقدمياً يوائم سير الحياة؛ ومن اجل هذا انتقلت روح البحث إلى ميادين أوسع حرية من ميدان القانون.
وانتشرت الجامعات في جميع أنحاء إيطاليا في القرنين الثاني عشر والثالث عشر. ونشأت بعضها من جامعة بولونيا بهجرة الأساتذة والطلاب من هذه الجامعة؛ من ذلك أن بليوس غادرها في عام ١١٨٢ لينشئ مدرسة في مودينا؛ وأن يقوبس ده مندرا Jacobus de Mandra خرج منها إلى رجيو إميليا Reggio Emilia في عام ١١٨٨ واخذ معه تلاميذه؛ ونشأ من هجرة أخرى حدثت في اغلب الظن من بولونيا عام ١٢٠٤ مدرسة عامة أو اتحاد مؤلف من عدة كليات في فيسنزا؛ وفي عام ١٢١٥ غادر رفريدس Roffredus جامعة بولونيا ليفتتح مدرسة للحقوق في أرزو Arezzo؛ وفي عام ١٢٢٢ وسع عدد كبير من المدرسين والطلاب الذين غادروا بولونيا مدرسة قديمة كانت في بدوا، فأضيفت كليات للطب والآداب إلى مدرسة الحقوق التي كانت في هذه المدينة؛ وبعثت اليها مدينة البندقية بطلابها، وأسهمت فيما كانت تؤديه المدينة من مرتبات للأساتذة، وبذلك أصبحت بدوا في القرن الرابع عشر من أنشط مراكز