بصدور هذه التعاليم من شخص هو قس من قساوسة كنيسة كمبيتي Compiégne. ودعى روسلا للمثول بين يدي مجمع ديني مقدس في سولسون (١٠٩٢) وخير بين الرجوع عن أقواله والحرمان، فأختار الرجوع، وفر إلى إنجلترا وهاجم فيها عادة التسري عند رجال الدين؛ ثم عاد الى فرنسا ودرس في تور ولوش Loche. ويبدو أن هذه البلدة هي التي جلس فيها أبلار عند قدميه وهو نافد الصبر متململ (٢). ورفض أبلار فكرة (الإسمية) ولكنه حرم من الدين مرتين لشكله في الثالوث. وخليق بالملاحظة أيضاً أن القرن الثاني عشر كان يسمى الواقعية (العقيلة القديمة) وأنه كان يسمى معارضيها الحديثين moderni. (٣)
ودافع أنسلم (١٠٣٣ - ١١٠٩) عن الكنيسة دفاعاً مجيداً في عدة مؤلفات يبدو أنها حركت عواطف أبلار، وكان لها فيه اثر عميق، وأن لم يكن هذا الأثر إلا المعارضة. وكان أنسلم من أبناء أسرة من أشراف إيطاليا؛ وعين رئيساً لدير بك Bec في نورمندية في عام ١٠٧٨. وأضحى دير بك في أثناء حكمه، كما أضحى في أيام لافران Faanc مدرسة من اكبر المدارس التعليمية في الغرب، ولعل أنسلم كان، كما وصفه زميله الراهب إيدمر Eadmer في ترجمة له تنم عن تعلقه به، زاهداً ظريفاً لا يرغب بشيء سوى التفكير والصلاة، خرج من صومعته كارهاً ليحكم الدير ومدرسته. وكان الشك ابعد الأشياء عن رجل مثله، بل كان الإيمان عنده هو الحياة، و (يجب أن يسبق الإيمان؛ وكيف يستطيع عقل محدود أن يأتي عليه يوم يفهم فيه الله؟) وفي هذا يقول كما يقول أوغسطين: (لست أسعى للفهم لكي اعتقد، بل أني اعتقد لكي افهم)، ولكن تلاميذه طلبوا إليه حججاً يجادلون به الكفار؛ وكان هو نفسه يرى أن (من الاهمال، وقد تثبتنا في ديننا، إلا نعمل بفهم ما اعتقدنا)(٤)؛ وكان