للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تسمع من نافذة بيتها أغاني افتتانه بها تتردد أصداؤها الصاخبة على ألسنة تلاميذه (١٤).

ولم يمض إلا القليل من الوقت حتى أبلغته أنها حامل، فما كان منه إلا أن اختطفها من بيت عمها وأرسلها إلى بيت أخته في بريطاني (١٥). ودفعه الخوف من جهة والرحمة من جهة أخرى فعرض على عمها الغاضب الحانق أن يتزوجها بشرط أن يسنح له فلبير بأن يظل أمر الزواج سراً. ووافق القس على هذا، وسافر أبلار إلى بريطانيا ليحضر عروسه الرقيقة القلب الغير راضية بالزواج. وكان عمر ابنهما أسطرلاب Astorlabe ثلاثة أيام حين اقبل هو على والدته. وظلت هلواز زمناً طويلاً ترفض الزواج به. ذلك أن إصلاحات ليو التاسع وجريجورى السابع كانت منذ جيل من الزمان قد حرمت مناصب القسيسين على المتزوجين إلا إذا ترهبت الزوجة، ولم تكن هلواز مستعدة لأن تفارق رفيقها وابنها على هذا النحو، وعرضت عليه أن تبقى عشيقته بحجة أن هذه العلاقة، إذا ظلت سراً يخفى عن الناس بحكمة، لن تحول بينه وبين الرقى في مناصب الكنيسة كما يحول الزواج (١٦). وقد أورد أبلار في كتابه تاريخ مصائي (الفصل السابع) فقرة طويلة يعزو فيها إلى هلواز في هذا الظرف ثبتاً طويلاً من المراجع والأمثلة المعارضة لزواج الفلاسفة، وحججاً فصيحة قوية في الاعتراض على (حرمان الكنيسة من ضوئه البراق): (تذكر أن سقراط قد تزوج، وكيف طهرت الفلسفة من هذا العار الذي دنسها تطهيراً خسيساً حتى يكون كثيراً أن تسمى عشيقتي من أن يعرف الناس أنها زوجتي، بل أن هذا يكون أيضاً اشرف لي) (١٧). ولكنه أقنعها بأن وعدها ألا يعرف الزواج إلا عدد قليل من أوثق الناس صلة بهما.