وتركا اسطرلاب مع أخت أبلار وعادا لى باريس وتزوجا بحضور فلبير. وأراد أبلار أن يحتفظ بسرية الزواج فعاد إلى حيث كان يسكن وهو أعزب، وعادت هلواز الى السكنى مع عنها، ولم يكن كلا الحبيبين يرى الآخر إلا نادراً وخلسة. ولكن فلبير، في حرصه على أن يسترد مكانته، اخلف الوعد الذي قطعه لأبلار وأذاع السر؛ وأنكرته هلواز، (وأنزل بها فلبير العقاب بعد العقاب). فما كان من أبلار إلا أن فر بها مرة ثأنية، وبعث بها هذه المرة على كره منها شديد، إلى دير أرجنتى، وأمرها أن ترتدي ثياب الراهبات، وألا تقسم اليمين أو تلبس القاب. ويقول أبلار أنه لما سمع فلبير وأقاربه بهذا (أيقنوا أنني قد غدرت بهم اشد الغدر، وتخلصت إلى أبد الدهر من هلواز إذ أرغمتها على أن تترهب. فاستشاطوا من هذه غضباً ودبروا مؤامرة على؛ وبينما كنت نائماً ذات ليلة … في حجرة سرية بمسكني، إذا اقتحموا على بمعونة خادم من خدمي قدموا له رشوة، وانتقموا مني انتقاما شنيعاً يجللهم العار … لأنهم بتروا أعضاء جسمي التي فعلت بها ما كان سبباً في حزنهم. ولاذوا بالفرار بعد أن فعلوا فعلتهم، ولكن اثنين منهم قُبض عليهما وفقدا أعينهما وأعضاء تناسلهما)(١٨).
ولم يكن في وسع أعدائه أن يختاروا له عقاباً أدل على مكرهم من هذا العقاب. نعم أنه لم يحط من منزلته لساعته، فأن باريس كلها بمن فيها من رجال الدين عطفت عليه (١٩). واقبل عليه طلابه يواسونه، وأنكمش فلبير واختفى وجر عليه النسيان ذيوله، وصار الأسقف أملاكه. ولكن أبلار أدرك أن قد قضى عليه، وأن (قصة هذا الاعتداء الشنيع حتى تبلغ أطراف الأرض). ولم يعد يستطيع التفكير في الرقى في مناصب الكنيسة، وأحس أن سمعته الطيبة قد