نابليون في بعض ساعات امتعاضه، إذ أعدم ركسانا أخته وزوجته، وقتل ابنه بركسبيس بسهم من قوسه، ودفن اثني عشر من أعيان الفرس أحياء، وقضى بإعدام كروسس، ثم ندم على ما فعل، وسر حين علم أن حكمه لم ينفذ، ثم عاقب الموظفين الذين تأخروا عن تنفيذه (١٢). وعلم وهو عائد إلى بلاده أن مغتصباً قد استولى على عرش فارس وأن ثورة صماء اندلع لهيبها في طول البلاد وعرضها لتأييده. ومن هذه اللحظة يختفي قمبيز من التاريخ، وفي بعض الروايات أنه انتحر (١٣).
وكان المغتصب قد ادعى أنه سمرديس وأنه نجا بإحدى المعجزات من حسد أخيه قمبيز واعتزامه قتله. أما الحقيقة فإنه كان أحد رجال الدين المتعصبين من أتباع المذهب المجوسي القديم، وكان يعمل جاهداً للقضاء على الزردشتية دين الدولة الفارسية الرسمي. ثم شبت في البلاد ثورة أخرى أطاحت بعرشه، وكان الذين نظموها سبعة من أشراف البلاد اختاروا بعدئذ واحداً منهم هو دارا بن هشتسبش ورفعوه على العرش. وبهذه الوسيلة الدموية بدأ أعظم ملوك الفرس حكمه.
وكانت وراثة العرش في الممالك الشرقية تقترن بالفتن في القصور الملكية تقوم بين المتنازعين على أزمة الحكم، كما تقترن بالثورات في المستعمرات الخاضعة لحكمها، فقد كانت هذه المستعمرات تنتهز فرصة ما ينشأ عن الفتن الداخلية من فوضى واضطراب، أو عن تولي المُلك حاكم غير مجرب فتعمل لاسترداد حريتها. وكان اغتصاب المُلك في هذه المرة واغتيال سمرديس فرصة ثمينة انتهزتها الولايات الخاضعة لفارس، فخرج عليها حكام مصر وليديا، وثارت عليها في وقت واحد سوزانه، وبابل وميديا، وأشور، وأرمينية، وساكيا، وغيرها من الولايات. ولكن دارا أخضعها جميعا واستخدم في إخضاعها منتهى القسوة. من ذلك أنه لما استولى على مدينة بابل بعد حصار طويل أمر بصلب ثلاثة آلاف من أعيانها ليرهب بذلك بقية الأهلين ويرغمهم على طاعته، ثم أتبع