ينهشون عرضي دون حياء، ولا يتركون لذلك سبيلاً إلا سلكوها، حتى أفلحوا على مر الزمن في أن يجعلوني هدفاً لسخرية الكثيرين من ذوي السلطان … ويشهد الله أنني كلما علمت بأن اجتماعاً جديداً لرجال الدين قد دعى إلى الانعقاد، اعتقدت أنهم لم يدعوا إلا لغرض واحد صريح هو إدانتي (٣٥).
ولعه أراد أن يكسب أولئك الناقدين، فترك التدريس وقبل دعوة وجهت إليه بأن يكون رئيس دير القديس جلداس في بريطاني (١١٢٥؟)، ولكن أرجح من هذا أن سوجر هو الذي نظم بدهائه وحكمته هذه النقلة مؤملاً بهذا أن تسكن العاصفة. وكان هذا الانتقال ترقية لأبلار وسجن له في وقت واحد، فقد ألفى الفيلسوف نفسه وسط سكان من (البرابرة) الذين (لا يفهمون)، وبين رهبان "أدنياء لا يُرَوَّضون" يعيشون جهرة مع حظياتهم (٣٦). ونفر أولئك الرهبان من إصلاحاته فدسوا إله السم في الكأس التي كان يشرب منها وقت العشاء الرباني، فلما خاب تدبيرهم هذا رشوا خادمة بأن يدس له السم في الطعام؛ ولكن راهباً غير تناول الطعام "وخر صريعاً من فوره"(٣٧)؛ غير أن مرجعنا الوحيد في هذه الأقوال هو أبلار وحده. وأستبسل أبلار في النضال في هذه المعركة لأنه بقى في هذا المكان المنعزل إحدى عشرة سنة تتخللها بعض فترات كان في أثنائها بعيداً عنه.