الطلاب المشوقين قد أحتفظ بها وأعيدت صياغتها في كتابين يسمى أحدهما الدين المسيحي Theologia Christiana ويسمى الثاني الدين Theologia لاغير. وكانت العقائد الواردة في الكتابين مطابقة للدين القويم، ولكن العصر الذي كان حتى ذلك الوقت غريباً عن معظم آراء الفلسفة اليونانية قد راعه بعض الشيء أن يجد في الكتابين إشارات إلى المفكرين الوثنين مصحوبة بالثناء عليهم، كما وجد فيها ما يشير الى أفلاطون أيضاً قد استمتع الى حد ما لإلهام الإلهي (٣٠). ولم يكن في وسع أبلار أن يعتقد أن جميع هذه العقول العظيمة الفذة السابقة للمسيح قد فاتتها أسباب النجاة (٣١)، وأصر على أن الله يفيض حبه على جميع الناس، وفيهم اليهود والكفار (٣٢)، وعاد أبلار في غير ندم يدافع عن تحكيم العقل في أمور الدين، وقال أن الملحدين يجب أن يردوا عن إلحادهم بالعقل والمنطق لا بالعنف (٣٣)، وأن الذين يوصون بالإيمان بلا فهم إنما يسعون في كثير من الأحيان لستر عجزهم عن أن يعلموا الدين تعليماً يدركه العقل (٣٤)، وتلك شوكة نفذت من غير شك في جلود بعض الناس؟ فقد يبدو أن أبلار حين يحاول تفسير الدين المسيحي تفسيراً ينطبق على العقل والمنطق، لم يجرؤ على أكثر مما حاوله الإسكندر الهاليسي Alexander of Hales، وألبرتس مجنس، وتومس أكوناس من بعده؛ ولكن أبلار حاول أن يدخل أكثر عقائد الكنيسة خفاء وأعمقها غوراً في قبضة العقل، على حين أن تومس رغم شجاعته وجرأته ترك مسألة التثليث، وخلق العالم في زمن محدد، لإيمان بعيد عن متناول العقل، وفوق إدراكه.
وخلقت له جرأته على هذا التفكير وحدة ذهنه المتجددة أعداء جدداً. فقد كتب يشير في أغلب الظن إلى برنار الكلير فوكسي Bernard of Clairvaux ونوربرت Norbert مؤسس طائفة البريمنستر أتنسيين يقول:
يهرول بعض الرسل الجدد، الذين يثق العالم فيهم أعظم الثقة، هنا وهناك …