بكلمة منك أو نظر إليك تبتهج بها نفسي، أو رسالة منك في غيبتك يرتاح لها قلبي؟ ألا فحدثني عن شيء واحد لا أكثر أن استطعت، أو دعني أفض إليك بما أحس به، بل ما يظنه الناس جميعاً: أن الشهوة الجنسية لا الحب هي التي وثقت الصلة بيني وبينك … فلما أن نلت ما تبغيه، زال من فوره كل ما كنت تتظاهر به … ليس هذا يا أحب الناس إلى هو أظنه أنا وحدي، بل ما يظنه الناس جميعاً … وكم كنت أتمنى أن يكون هذا لى دون غيري، وأن يجد حبك من يبرره غيري فخف بذلك بعض الشيء لواعج أحزاني.
"أتوسل إليك أن تستمع لما أطلبه إليك … في الوقت الذي أخادع نفسي في بوجودك معي في ألفاظك المكتوبة على الأقل - وهي ألفاظ لديك منها الشيء الكثير- أهد إلى صورتك الحلوة … فأنا أستحق منك أكثر منها … بعد أن فعلت من أجلك كل ما يمكن فعله … أما التي غويت حياة الدير الخشنة في سن الشباب … لا عن تقي وحب الدين بل إطاعة لأمرك لا لشيء سواء … ولست أنتظر ثواباً من الله على هذا العمل، لأني لم أعمال شيئاً لوجه الله كما تعرف ذلك حق المعرفة … ولذلك أستحلفك باسم الذي وهبت له نفسك، وأتوسل إليك أما الله أن تعيد إلي وجودك بأية سبيل في إستطاعتك، ولو بكلمة منك تخفف عن آلامي … وداعاً يا كل من أحب"(٣٩).
لكن أبلار كان عاجزاً عجزاً جسمياً عن أن يستجيب إلى هذه العواطف الجياشة بعواطف من نوعها، ولهذا كانت الرسالة التي تعزوها إليه الرواية المتواترة تذكيراً لها بالنذر الديني الذي نذر له نفسه:"إلى هلواز أخته العزيزة في المسيح، من أبلار أخيها في المسيح نفسه"؛ وهو يوصيها بأن تقبل ما حل بهما من مصائب خاضعة لها، راضية بها، على أنها تطهير وعقاب للنجاة من عند الله. ويطلب إليها أن تدعو له، وبأمرها أن تخفف من أحزانها بأملها في أن يجتمعاً معاً في السماء، ويرجوها أن تواريه الثرى حين يموت في أراضي "الروح