وأعترضه في السفر شيخوخته وضعفه فتأخر كثيراً في الطريق. ولما وصل إلى دير كلوني في برغندية أستقبله بطرس المبجل بالشفقة والحنان، فاستراح في الدير بضعة أيام قليلة. وفي هذه الأثناء أصدر أنوسنت الثاني قراراً بالتصديق على حكم المجلس، وفرض الصمت الدائم على أبلار، والأمر بحجزه في أحد الأديرة. ورغب أبلار بالرغم من صدور هذا القرار أن يواصل حجه، ولكن بطرس أقنعه بالا يفعل، وقال له أن البابا لا يمكن أن يصدر قراراً يخالف ما يراه برنار. وخضع أبلار لهذا الرأي لما عاناه من الإعياء الجسمي والروحي، فصار راهباً في دير كلوني واختفى في ظلام أسواره وطقوسه، وقوى روح زملائه الرهبان بتقواه، وصمته، وصلواته. وكتب إلى هلواز - التي لم يرها قط بعد ذلك الوقت- يعترف اعترافاً مؤثراً بإيمانه بتعاليم المسيح، وألف لها في أغلب الظن، ترانيم من أجمل ما يحتو به أدب العصور الوسطى. وتعزى إليه (مرئية) في صورة رثاه من داود إلى يوناثان، ولكن في وسع أي قارئ أن يلمح فيها أينما رفيقاً:
لو قدر لي أن أرقد معك في قبر واحد
لرأيت السعادة في أن أموت،
فلست أعرف من النعم التي يمكن أن يهبها الحب في هذه الدنيا ما هو أعظم من هذه النعمة.