بالعمل على قمعه أو تأخيره؛ بل أن علينا أن نعجب من قوة التكييف المدهشة التي مكنت الجديد من امتصاص المعارف القديمة- الجديدة. وكان الأثر الأول لكتابي الطبيعة وما وراء الطبيعة لأرسطو، ولشروح ابن رشد، وهي الكتب التي وصلت الى باريس في العشر السنين الأولى من القرن الثالث عشر، أن زلزلت عقائد كثير من الطلاب، وان قام من العلماء أمثال أملريك البيني Amalric of Bène وداود الديننتي David of Dinant هاجمون بعض العقائد المسيحية الجوهرية كعقيدة خلق العالم، والإيمان بالمعجزات، والخلود الفردي. وظنت الكنيسة أن تسرب الأفكار العربية - اليونانية إلى جنوبي فرنسا أدى إلى تحلل الطبقات المتعلمة من الاستمساك بالدين القويم، واضعف من عزمها على مقاومة الحاد الألبجنسيين. ولهذا اجتمع مجلس كنسى في باريس عام ١٢١٠ وأدان أملريك وداود وحرم قراءة كتب أرسطو فيما (بعد الطبيعة والفلسفة الطبيعية) كما حرم قراءة (شروحها). وإذ كان هذا التحريم قد كرره مندوب من قبل البابا في عام ١٢١٥ فان لنا أن نفترض أن مرسوم عام ١٢١٠ قد أغرى الناس بقراءة هذه المؤلفات التي لولا هذا التحريم لكانت عندهم ممقوتة. وأجاز مجلس لاتران الرابع قراءة كتابي أرسطو في المنطق والأخلاق ولكنه حرم غيرهما من كتبه. وفي عام ١٢٣١ عفا جريجوري التاسع عن الأساتذة والعلماء الذين عصوا هذه المراسيم، ولكنه، جدد المراسيم (إلى اجل مؤقت حتى تبحث هذه الكتب وتطهر بما فيها). ويبدو أن الثلاثة الأساتذة الباريسيين الذين عينوا للقيام بمهمة تطهير كتب أرسطو قد تركوا هذا العمل. ولم تنفذ مراسيم التحريم زمناً طويلاً، لان كتابي الطبيعة وما وراء الطبيعة (الفيزيقا والمتافيزيقا) وغيرهما من كتب أرسطو كانا يقرأن في جامعة باريس عام ١٢٢٢ (١٩). وأعاد أربان الرابع أمر التحريم في عام ١٢٦٣؛ ولكن يبدو أن تومس أكوناس أكد له أن كتب أرسطو يمكن ان تطهر،