وبعض القساوسة أنفسهم - ينكرون تحول العشاء الرباني إلى جسم المسيح (٢٣). واخذ أحد المدرسين في أكسفورد يشكو قائلاً (انه ليس ثمة ما هو أشبه بالوثنية من القربان عند المذبح)(٢٤). ويقول أَلان الليلي Alain of Lille (١١١٤ - ١٢٠٣) أن كثيرين من المسيحيين الزائفين في وقتنا هذا ينكرون البعث لان الروح تفنى مع الجسم)؛ وهم يؤيدون اعتقادهم بأقوال أَبيفور ولكريشيوس. ويعتنقون مذهب الجوهر الفرد، ويخرجون من هذا إلى أن خير ما يفعله الإنسان هو ان يستمتع بالحياة على ظهر الأرض (٢٥).
ويبدو إن انتشار الصناعة في حواضر فلاندرز قد عمل على نشر الإلحاد. وشاهد ذلك إننا نجد داود الديننتي في بداية القرن الثالث عشر وسيجر البرابنتي قرب اختتامه يتزعمان حركة تشكك قوية. وكان داود (حوالي ١٢٠٠) يدرس الفلسفة في باريس، ويمتع أنوسنت الثالث بجدله الدقيق (٢٦)، ويعبث بضرب مادي من عقيدة الأحدية مضمونة إن الله، والعقل، والمادة الخالصة (المادة قبل ان تتشكل) أصبحت كلها وحدة في ثالوث جديد (٢٧). وحرم كتابه الكواترنولي Quaternuli، والذي لا وجود له الآن. واحرق بأمر مجلس باريس المقدس الذي عقد في عام ١٢١٠. وندد هذا المجلس نفسه بأحدية قال بها أستاذ آخر من جامعة باريس هو أملريك البيني، ومضمونها ان الله والخليقة شيء واحد. وأرغم أملريك على أن يرجع عن قوله ومات، كما يقول، من حسرة الخيبة (١٢٠٧)(٢٨). وأمر المجلس تنبش عظامه وتحرق في ميدان باريس إرهاباً لاتباعه الكثيرين. غير انهم ظلوا مستمسكين بآرائهم على الرغم من هذا، ووسعوا نطاق آرائه فأنكروا وجود الجنة والنار، وقوة القربان المقدس. وحرق عشرة من اتباع أملريك هذا أحياء (١٢١٠)(٢٩).
وازدهر التفكير الديني الحر في جنوبي إيطاليا الذي كان يحكمه فردريك الثاني، حيث شب القديس تومس، وحيث أعلن الكردنال أبلديني صديق