من الشروح والتعليقات على أرسطو، وفي مقالة جدلية ضد رجلي الفلسفة الذائعة الصيت، ألبرت وتومس، يقول سيجر في هذه وتلك أن ألبرت وتومس يفسران الفلسفة تفسيراً خاطئاً وان ابن رشد يفسرها تفسيراً صحيحاً (٣٩). وهو يستخلص ما يستخلصه ابن رشد من أن العالم أزلي، وان القانون الطبيعي لا يتبدل، وان نفس النوع وحدها هي التي تبقى بعد موت الفرد. ويقول سيجر أن الله هو العلة النهائية، لا العلة الفعلية، للأشياء- وهو هدف الخليقة لا علتها. وقد افتتن بالمنطق فقاده هذا الافتتان كما قاد فيكو Vico ونتشة إلى الإيمان بعقيدة تسلسل الحادثات تسلسلاً لا نهائياً فقال: بما أن جميع الحادثات الأرضية تحددها في نهاية الأمر تجمعات النجوم، وبما أن عدد التجمعات الممكن حدوثها محدودة، فان كل تجمع لا بد أن يتكرر بصورته نفسها المرة بعد المرة في زمن لا نهائي، تكراراً تعقبه حتما نفس النتائج التي أعقبته من قبل؛ وبذلك تعود (نفس الأنواع، ونفس الاراء، والقوانين، والأديان)(٤٠). وقد حرص سيرجو على أن يضيف إلى هذا (ونحن نقول هذا أخذاً برأي الفيلسوف، دون أن نقطع بصحته)(٤١). وكان يضيف مثل هذا الاحتياط إلى كل رأي من آراءه الملحدة. ولم يكن يجهر بعقيدة الحقيقتين؛ وكان يعلم تلاميذه أن بعض النتائج تستتبعها آراء أرسطو ويستتبعها العقل؛ فإذا كانت هذه النتائج تناقض العقائد المسيحية، فانه يؤكد إيمانه بعقائد الدين، ويسمها هي وحدها، دون الفلسفة بميسم الحق (٤٢).
ويدل تقدم سير إلى المطالبة بان يكون مديراً للجامعة على انه كان له فيها اتباع كثيرون، وان لم يوفق في طلبه هذا (١٢٧١). وليس أدل على تمكن فلسفة ابن رشد في جامعة باريس من تنديد إتين تمبييه Etienne Tempier أسقف باريس بهذه الحركة المرة بعد المرة. ففي عام ١٢٦٩ حكم بأن ثلاث عشرة