لم يكونوا يثقون بالفلسفة؛ وكانوا يحسون أن مغامرات العقل مهما تأت للكنيسة بالقوة والمجد إلى حين، قد تفلت من السيطرة عليها فيما بعد، وتبعد الناس عن الدجين بعد أن تترك المسيحية ضعيفة لا نصير لها في عام جاحد فاسد الأخلاق. فكانوا لهذا يفضلون أفلاطون عن أرسطو، وبرنار عن أبلار، وأغسطين عن أكوناس. وكانوا يعرفون النفس كما عرفها افلاطون بأنها روح مستقلة تسكن الجسم وتسكن فيه، وهالهم أن يروا تومس يأخذ بتعريف أرسطو للنفس بأنها (الصورة المادية) للجسم. وقد وجدوا في أفلاطون نظرية للخلود غير الشخصي لا فائدة منها قط في قمع غرائز الناس الحيوانية. واتبعوا رأي أغسطين فوضعوا الإرادة فوق العقل في الله وفي الإنسان على حد سواء، وكان الهدف الذي يبتغونه هو الخير لا الحقيقة. وكانوا في تربيتهم للقيم يجعلون الصوفي اقرب من الفيلسوف لجوهر الحياة الخفي ومعناها.
وسيطر القسم الأفلاطوني- الأوغسطيني من جيش المدرسين على العلوم الدينية التقليدية في النصف الأول من القرن الثاني عشر. وكان اعظم الناطقين بلسان هذا القسم هو بونافنتورا التقي- وهو رجل طيب القلب طارد الإلحاد، وصوفى يكتب في الفلسفة، وعالم يستهجن العلم، وصديق مدى الحياة ومعارض لتومس أكوناس، ومدافع عن الفقر الذي يدعو إليه الإنجيل ومضرب المثل لهذا الفقر، جمعت طائفة الرهبان الفرنسيس بإشرافه ورعايته قدراً كبيراً من الثروة الجماعية ولقد ولد جيوفني دي فدنزا Giovanni di Fidanza في تسكانيا عام ١٢٢١ ثم اصبح اسمه لسبب لا نعرفه بونا فنتورا- الحظ الحسن. وكاد يموت وهو صغير من أحد أمراض الأطفال، وأخذت أمه تصلي الى القديس فرانسيس ليمن عليه بالشفاء؛ وأحس جيوفني بعدئذ بأنه مدين بحياته إلى هذا القديس. ولهذا انظم إلى اتباعه وأرسل إلى باريس ليدرس على الاسكندر الهاليسي، ثم شرع في عام ١٢٤٨ يعلم اللاهوت في الجامعة، واختير في عام ١٢٥٧،