وهو لا يزال شاباً في السادسة والثلاثين من عمره، راعياً عاماً لطائفة الرهبان الفرنسيس، فلم يدخر وسعاً في إصلاح ما دبَّ في الطائفة من تراخ، ولكن دماثة أخلاقه لم تمكنه من النجاح، وان كان هو نفسه يحيى حياة الزاهد البسيطة؛ ولما حاءه الرسل يبلغونه انه اختير كردنالاً وجدوه يغسل الصحاف؛ ومات بعد عام واحد (١٢٧٤) منفرط الإجهاد.
وكانت كتبه جيدة الأسلوب، واضحة، موجزة. وكان يتظاهر بأنه الجامع لها لا اكثر، ولكنه بعث في كل موضوع مسه بقلمه روح النظام، والحماسة، والتواضع الذي يستل السخائم. وكان كتابه القول الموجز خلاصة للاهوت المسيحي كثير الإعجاب، كما كان الحديث المفرد، ورحلة العقل إلى الله درة في تاج النقي الصوفي. ومن أهم مبادئه ان المعرفة الحقة لا تأتي عن طريق إدراك الحواس للعالم المادي بل تأتي لإدراك النفس للعالم الروحي عن طريق اللقانة. وكان بونا فنتورا يحب القديس تومس، ولكنه كان يعارض في قراءة الفلسفة، وينتقد في صراحة بعض ما استخلصه أكوناس من النتائج. وكان يذكر الرهبان الدمنيكيين بان أرسطو كان كافراً، وانه يجب الا توضع أقواله في منزلة أقوال آباء الكنيسة، وتساءل هل في مقدور فلسفة أرسطو أن تفسر حركات نجم من النجوم لحظة واحدة؟ (٤٨). وهو يقول أن الله ليس نتيجة يصل إليها العقل عن طريق العقل بل هو وجود حي، الإحساس به خير من تحديده، وان الخير أسمى من الحقيقة، والفضائل الساذجة تعلو على كل العلوم. ويقولون ان الاخ إجيديو Egidio هاله في يوم من الأيام تبحر بونا فنتورا في العلم فقال له: (واحسرتاه! ماذا نفعل نحن الجهلاء السذج كي نكون خليقين بحب الله!) فأجابه بونا فنتورا بقوله: (أخي، انك لتعلم حق العلم انه يكفيك حب الله) فرد عليه أديجو بقوله: (فهل تؤمن إذن بان مقدور امرأة ساذجة ان تسره كما يسره أستاذ في اللاهوت؟). فلما أجابه بنعم اندفع ديجو الى الطريق وصاح