في امرأة متسولة:(ابتهجي، لأنك إذا أحببت الله، قد يكون لك مكان في ملكوت السموات أعلى من مكان الأخ بونا فنتورا!)(٤٩).
وجلي أن من الخطأ أن نظن أن (الفلسفة) المدرسية المعروفة بهذا الاسم إنما هي آراء وأساليب في البحث مجدبة متفق عليها بالإجماع. لقد كانت هناك في واقع الأمر مائة من الفلسفات المدرسية؛ فقد كانت الكلية الواحدة من كليات الجامعة تضم أحد أشباع تومس الذي يمجد العقل، واحد أنصار بونا فنتورا الذي يستهجنه ويزدريه، واحد اتباع وليم الاوفرني (١١٨٠ - ١٢٤٠) الذي يقول مع ابن جبيرول بحرية الإرادة، واحد اتباع سيجر يعلم فلسفة ابن رشد. وكاد الاختلاف والنزاع بين أنصار الدين القويم يبلغان من الشدة ما بلغاه بين الدين واللادين. فكان يوحنا بكهام الأسقف الفرنسيسي يندد بأكوناس تنديداً لا يقل صرامة عن تنديد تومس بسيجر وابن رشد؛ وكتب ألبرتس مجنس في ساعة فارقة فيها صلاحه يقول:(هناك أناس جاهلون لا يتورعون في محاربة استخدام الفلسفة لكل سلاح، وأَخُصُ بالذكر من هؤلاء الرهبان الفرنسيس- أولئك الوحوش الكاسرة الذين يسبون مالا يعرفون)(٥٠).
وكان ألبرت يحب العلم ويعجب بأرسطو الا حين يتطرق إلى الإلحاد في الدين، وكان أول من درس من الفلاسفة المدرسين جميع مؤلفات الفيلسوف الكبرى، واخذ على نفسه أن يفسرها تفسيراً يوافق الدين المسيحي. وكان مولده في لاننجن Laningen بسوايبا Swabia حوالي عام ١٢٠١ وولده هو الكونت بلستادت Bollst?dt الثري، ثم درس في يدوا وانظم الى الرهبان الدمنيكيين واشتغل في بالتدريس في مدارس الدمنيك في هلدسهايم Hildesheim، وفرايبرح Freibueg، وراتسبون Ratisbon، واسترسبورج، وكولوني (١٢٢٨ - ١٢٤٥) وباريس (١٢٤٥ - ١٢٤٨). ثم عين بعدئذ مندوباً إقليمياً