المعركة إلى معسكر العدو برسالته في وحدة العقل ضد فلسفة ابن رشد (١٢٧٠) واختتمها بهذه الفقرة النارية التي لا عهد للناس بها:
انظروا كيف فدنا هذه الاخطاء؛ انا لم نبن هذا التفنيد على أسس من وثائق مستندة الى الإيمان بالدين، بل بيناه على علل وأقوال منقولة عن الفلاسفة أنفسهم. فإذا وجد إنسان يفخر مزهواً بحكمته المزعومة، ويرغب في نقل ما كتباه، فعليه ألا يفعل هذا في ركن من الأركان، أو أمام الأطفال لا قدرة لهم على البث في مثل هذه المسائل الشائكة. عليه ان يجيب علناً إذا كان له من الشجاعة ما يمكنه من هذا العمل، وسيجدني مستعداً لمواجهته، ولن يجد شخصي العاجز وحده، بل سيجد كثيرين غيري ممن جعلوا الحقيقة موضوع دراستهم؛ سنحارب أخطاؤه ونداوي جهله (٥٦).
ولم تكن الحرب في ميدان واحد، لان تومس لم يكن مضطراً في هذه الفترة الثانية من اشتغاله بالتدريس أن يقاوم فلسفة ابن رشد وحدها، بل كان عليه فوق ذلك أن يصد هجمات زملائه الرهبان، الذين لم يكونوا يثقون بالعقل، ويرفضون قول تومس انه يمكن التوفيق بين أرسطو والمسيحية. ووجه جون بكهام الذي خلف بونافتورا في كرسي الرهبان الفرنسيس للفلسفة بجامعة باريس اشد اللوم إلى تومس لربطه اللاهوت المسيحي بفلسفة إنسان وثني. ويقول بكهام فيما بعد أن تومس لم يتحول عن موقفه ورد عليه (برفق وتواضع عظيمين)(٥٧). وربما كانت هذه السنوات الثلاث التي احتدم فيها الجدل هي التي أنهكت قواه.
ودعى في عام ١٢٧٢ إلى العودة إلى إيطاليا بدعوة من شارل دوق أنجو ليعيد تنظيم جامعة نابلي، ثم امتنع عن الكتابة في سنيه الأخيرة؛ ولسنا نعرف أكان سبب هذا ما اعتراه من ملل أم انه قد خاب ظنه في فائدة النقاش والجدل. ولما أن ألح عليه صديق له بان يتم كتابه الموجز في علوم الدين أجابه