ندرس "الكائن بوصفه كائناً"، ثم نصل عن طريق المنطق الدقيق إلى الصفات الجوهرية للعالم. وفي عالم الجواهر لابد أن يكون هناك جوهر هو مصدر كل ما عداه منها وهو الكائن الأول؛ وهذا الكائن الأول هو الله. ويتفق دنز مع تومس في أن الله هو الحقيقة الخالصة ولكنه لا يفهم تلك العبارة على أنها الواقعية الخالصة بل يفهم منها أنها الفاعلية الخالصة. فالله هو أولاً إرادة لا عقل، وهو علة العلل جميعها، وهو أزلى، ولكن هذا هو كل ما نستطيع أن نعرفه عنه بطريق العقل. أما إنه إله الرحمة، وأنه ثلاثة في واحد، وأنه خلق العالم في وقت، وأنه يسيطر على جميع الأشياء بقدرته- هذه وجميع عقائد الدين المسيحي كلها تقريباً يجب أن نؤمن بها أي أن نصدقها اعتماداً على الكتب المقدسة والكنيسة ولكنا لا نستطيع إثباتها بالفعل. والحق أننا في الساعة التي نبدأ فيها باستخدام العقل في إثبات وجود الله نقع في متناقضات تحيرنا (وهي التي يسميها كانت "متناقضات العقل الخالص"). وإذا كان الله قادراً على كل شيء، فهو علة كل النقائض، ومنها كل الشرور؛ وإذن تكون العلل الثانوية ومنها الإرادة البشرية، وهماً لا حقيقة. ولكي نتلافى هذه النتائج الهدامة، ولما كانت العقيدة الدينية لازمة للحياة الأخلاقية (وهو ما يسميه كانت " العقل العملي" فإن من الحكمة ألا نلجأ إلى فلسفة تومس التي تحاول أن تثبت الديّن بالفلسفة، وأن نقبل عقائد الدين بالرجوع إلى الكتاب المقدس وإلى الكنيسة (١٤٥). وليس في مقدورنا أن نعرف الله ولكننا قادرون على أن نحبه، وهذا الحب خير من المعرفة (١٤٦).
ودنز في علم النفس "واقعي" من الطراز الدقيق الخاص به: فالكليات عنده حقيقة موضوعية بمعنى أن تلك المظاهر الموحدة التي يجرّدها العقل من الأجسام المتماثلة ليكون منها فكرة عامة، لابد أن تكون موجودة في الأجسام، وإلا لما استطعنا أن ندركها ونجردها. وهو يتفق مع تومس في أن جميع المعرفة