الطبيعية مستمدة من الحواس، أما فيما عدا هذا فإنه يخالفه في جميع آرائه الفلسفية. فهو يقول إن أساس الانفرادية ليس هو المادة بل الصورة، والصورة بمعناها الضيق الدقيق التي نستطيع أن نقول عنها "هذه" haecceitas - أي الصفات الخاصة والعلامات المميزة للشخص أو الشيء الفردي. وليست من النفس ذاتها. وليست موهبة النفس الأساسية هي الفهم بل هي الإرادة، فالإرادة هي التي تعين إحساس أو القصد الذي يجب أن يتجه إليه العقل؛ والإرادة voluntas وحدها لا قوة الحكم (arbitrium) هي الحرة؛ ومن رأيه أن قول مبالغ فيه لأنه يمكن تطبيقه على كل حيوان في الحقول، وليس في مقدورنا أن نثبت الخلود الشخصي، بل علينا أن نؤمن به لا أكثر.
وكان في وسع الرهبان الدمنيك أن يروا في دنز انتصار الفلسفة الغربية على الفلسفة الإسلامية، كما كان الرهبان الفرنسيس يدعون إنهم يرون في تومس انتصار أرسطو على الأناجيل، ففلسفة ما وراء الطبيعة عنده هي فلسفة ابن رشد، وفلسفة شرائع الكون هي فلسفة ابن جبيرول، ولكن الحقيقة الأساسية الداعية إلى الأسى في اسكوتس هي تخليه عن محاولته إثبات العقائد المسيحية الأساسية بالالتجاء إلى العقل. واشتط أتباعه فذهبوا في هذه المسألة إلى أبعد من هذا، وأخرجوا عقائد الدين واحدة بعد واحدة من ميدان العقل، وضاعفوا بذلك ما وضعه من الفروق والمميزات الدقيقة إلى حد جعل لفظ "الدنزى" في إنجلترا يعني الأبله المولع بالتقسيم الشّعري، والسوفسطائي: البليد والغبي. وأبى الذين يحبون الفلسفة أن يخضعوا لعلماء اللاهوت الذين نبذوا الفلسفة. وتنازعت الدراستان وافترقتا؛ وأدى رفض الدين للعقل إلى رفض العقل للدين، وانتهت بذلك المغامرة الجريئة الكبرى التي قامت في عصر الإيمان.