للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن سينا، إلى الكندي، إلى بطليموس، وبلغت غايتها في إقليدس (٣٠٠ ق. م) الذي برع في تطبيق الهندسة النظرية على حركات الضوء. وكان من البحوث التي قام بها بيكن: هل الضوء هو انبعاث جزيئات من الجسم المرئي؟ أو هل هو تحرك الوسط الكائن بين هذا الجسم والعين؟ ويعتقد بيكن أن كل جسم مادي يشع قوة في جميع الاتجاهات، وأن هذه الإشعاعات قد تنفذ في الأجسام الصلبة:

ليس ثمة جسم يبلغ من الكثافة حداً يمنع الأشعة منعاً باتاً من أن تمر فيه. ذلك أن المادة التي تتركب منها الأجسام واحدة فيها جمياً، ولهذا فليس ثمة جسم لا تحدث الأفعال التي تصحب مرور شعاع ما تغيراً فيه … إن أشعة الحرارة والصوت تخترق جدران إناء من الذهب أو الشب، ويقول بؤيثيوس إن عين الوشق (١) تخترق الجدران السميكة (١١٨).

ولسنا واثقين من هذه القوة المعزوة إلى الوشق، ولكننا إذا استثنينا هذا القول حق علينا أن نعجب بهذا الخيال الجريء لذلك الفيلسوف، وهو "الخيال المتماسك في كل أجزائه". وحاول بيكن وهو يقوم بالتجارب على العدسات والمرايا أن يصوغ قوانين انكسار الضوء، وانعكاسه، وفعل الأشعة الضوئية في تكبير الأجسام وتصغيرها. ومثل لنفسه قدرة العدسة المجدبة على تركيز كثير من أشعة الشمس في نقطة واحدة، ثم تشتيت هذه الأشعة خلف هذه النقطة لتتكون منها صورة مكبرة فكتب يقول:

في مقدورنا أن نشكل الأجسام الشفافة (العدسات) ونرتبها بالنسبة إلى قوة بصرنا وللأجسام المرئية ترتيباً يجعل الأشعة تنكسر وتنحني في أي اتجاه نريده، فنرى من أية زاوية نشاء الجسم قريباً منا أو بعيداً عنا. وعلى هذا فإن في وسعنا أن نقرأ أصغر الحروف من بعد لا يصدقه الإنسان، وأن نعد حبات


(١) Lynx وهو حيوان من فصيلة الهر مرتفع الجسم عند مؤخره، ذو شعر طويلـ وذيل قصير، تنتهي أذناه بخصلتين من الشعر ويقال إنه حاد البصر. (المترجم)