وقديساً شفيعاً هو شخصية أسطورية شبيهة بشخصيات ربليه وسمّوه جلياس Golias. وإنا لنجد من ذلك الزمن البعيد، وهو القرن العاشر الميلادي، ولتر كبير أساقفة سان Sens ساخطاً أشد السخط على "أسرة جلياس" المرذولة، كما أن مجلساً كنسياً عقد في عام ١٢٢٧ جهر بسخطه على الجلياردي Goliardi لأنهم ينشدون أشعاراً يسخرون فيها من أقدس الأناشيد والطقوس الدينية (٦). ويقول مجلس سلز برج المنعقد في عام ١٢٨١ إنهم "يسيرون بين الناس عراة، وينامون في أفران الخبز، ويغشون الحانات، وأماكن الألعاب، والمواخير، ويكسبون عيشهم برذائلهم، ويتشبثون اشد التشبث بشيعتهم"(٧).
ولسنا نعرف من هؤلاء الشعراء الجليارديين، إلاّ أفراداً قلائل، منهم شاعر يسمّى هيو Hugh أو هوجو بريماس Hugo Primas، وكان راهباً علمانياً في أورليان عام ١١٤٠ يصفه كاتب من منافسيه (٨) بأنه "إنسان دنيء"، مشوه الوجه"، ولكنه اشتهر "في كثير من الأقاليم" بحضور البديهة، وقرض الشعر، هلك لأن أحداً لم يبتع شعره؛ وكان يقذف الأغنياء من رجال الدين بأقذع أنواع الهجاء التي يمليها عليه حقده. كان رجلاً غزي العلم، صفيق الوجه، قليل الحياء، يصوغ أفحش المعاني في شعر سداسي الأوتاد، لا يقل روعة عن شعر هيلدبرت.
وكان أوسع منه شهرة شاعر آخر لا نعرف الآن اسمه ولكن المعجبين به كانوا يسمّونه "كبير الشعراء Archipoeta" ( حوالي ١١٦١)؛ وهو فارس ألماني يفضل الخمر والمداد عن السيف والدم، ويعيش عيشاً مضطرباً على الصدقات التي كان يمده بها من حين إلى حين رينلد فن داسل Rainald Von Dassel كبير أساقفة كولوني المنتخب، وسفير بربرسافي بافيا. وحاول رينلد أن يصلح ما فسد من أخلاقه، ولكن الشاعر توسل إليه أن يتركه وشأنه، وكان ذلك في قصيدة من أشهر ما قيل من القصائد في العصور الوسطى، وهي قصيدة "اعتراف