للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنبتت زهرة تستقبل الشمس، ولولاها لما استقبلتها،

ولا ريب في أنك قد استمعت إلى كثير

من العواطف القوية الجائشة

التي جعلت ذلك الموضع أجمل مما كان

وجعلت جزءاً من عواطفك لا يحنو عليّ هناك (٤٣).

وربما نشأت أغاني الأفعال من قصص الحوادث أو الأغاني. فكان الشاعر ينسج حول حادث تاريخي، يأخذ عادة من المؤرخين الإخباريين، قصة من المغامرات الخيالية يريها في أبيات ذات عشرة مقاطع أو أثني عشر مقطعاً، وتبلغ من الطول ما لا تتسع له إلاّ ليالي الشتاء في الشمال. ولقد كانت أغنية رولان مثلاً متقدماً لهذه الأغاني. وكان البطل المحبب لأغاني الأفعال الفرنسية هو شارلمان؛ وقد أفاد الشعراء الغزلون الفرنسيون من عظمته التاريخية فرفعوه في شعرهم إلى درجة من العظمة لا يكاد يسمو إليها آدمي، فبدلوا هزيمته في أسبانيا فتحاً مبيناً، وسيروه في حملات مظفرة إلى القسطنطينية، وبيت المقدس، ومن حول لحيته البيضاء الخرافية هالة من العظمة والجلال. وكانت الأغاني الفرنسية مرآة ينعكس عليها عصر الإقطاع في موضوعاته، وأخلاق أهله، وأمزجته. وكما كان بيولف والنيبلنجليد يرددان أصداء "عصر الأبطال" في زمن الهجرات، كانت هذه الأغاني الفرنسية - أيا كان موضوعها، أو مكانها، أو زمانها - تتحرك في جو إقطاعي إلى أهداف إقطاعية في أثواب إقطاعية. وكان موضوعها الذي لا تنفك تردده هو الحرب، بين سادة الإقطاع، أو بين الدول، أو الأديان، ولم تكن المرأة والحب يجدان بين قعقعة السيوف إلاّ أصغر مكان.