واندفع في غضب الطفولة وحيرتها الصامتة يقتلع غدائر شعره الذهبي؛
(فأنا أعلم حق العلم أنه لم يكن على ظهر الأرض كلها من يضارعه في جماله)
وطاف بعقله أن الموسيقى التي ظل طول حياته يعزفها بيده
قد ملأت بأنغامها العذبة قلبه نشوة، فأحزنه هذا التفكير وأمضه (٤٧).
ويبلغ بارزيفال طور الرجولة وهو قوي الجسم فارغ العقل، حتى تقع عينه في يوم من الأيام على فارسين في الطريق، فيجب بدروعهما البراقة، ويظنهما إلهين لا فارسين، ويعتزم أن يكون له مثل ما لهما من رونق وبهاء. ويعود إلى موطنه ليبحث عن الملك آرثر الذي يجعل الرجال فرساناً، وتحزن أمه لذهابه حزناً يكاد يقتلها. ويلتقي بارزيفال في طريقه بدوقة نائمة فيختلس منها قبلة، ويسلبها منطقتها، وخاتمها، ويرتكب بعمله هذا إثماً يدنسه سنين طوالاً. ثم يلتقي بإيثر Ither، الفارس الأحمر، ويرسل معه هذا الفارس رسالة يدعو فيها الملك آرثر للقتال. ويدخل بارزيفال على الملك ويستأذنه في أن يجيب هو دعوة إيثر، فيأذن له ويعود إلى إيثر، ويقتله - لأن الحظ في القصص يكون في جانب المبتدئ - ويلبس دروعه، ويركب طلباً للمغامرات. ويطلب إلى جرنمانز Gernemanz في أثناء الليل أن يستضيفه، ويعجب به البارون الشيخ، فيعلمه أساليب القتال الإقطاعية وسدي إليه نصيحة الفرسان:
أشفق على المحتاجين، وكن رحيماً، كريماً، متواضعاً. إن الرجل الكريم المحتاج يستحيي أن يسأل، فتقدم إليه أنت بالعون قبل أن يسألك … ولكن كن حازماً لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط … لا تكثر من السؤال، ولا ترفض الإجابة عن سؤال خليق أن تسأله. لاحظ واستمع … أعف عمن يستسلم لك مهما تكن إساءته إليك … تخلّق بأخلاق الرجولة