للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له نصيب في تكوين مدرسة الشعراء التي انتهت إلى دانتي. وحدث في ذلك الوقت عينه أن هجر شعراء الفروسية الغزلون الفرنسيون بلاد لانجويك Languedoc التي مزّقتها الحروب الدينية، ولجأوا إلى بلاد الإيطاليين، وعلّموا شعراء تلك البلاد فنهم المرح، كما علّموا النساء الإيطاليات أن يرحبن بقصائد المديح، وأقنعوا كبار الإيطاليين بأن يجزلوا العطاء للشعراء وإن توجهوا بشعرهم إلى زوجاتهم، وقد بالغ بعض شعراء التسكان في تقليد شعراء الفروسية فكتبوا شعرهم بلغة بروفنسال نفسها للفرنسيين. ومن هؤلاء Sordello ( حوالي ١٢٠٠ - ١٢٧٠) وهو شاعر ولد في منتوا Mantua بلدة فرجيل، وأني ما أغضب إزلينو Ezzelino الرهيب؛ ففر إلى بروفانس، وكتب بلغة تلك البلاد قصائد في الحب الروماني الأفلاطوني.

ونشأ من هذه العاطفة الأفلاطونية، بمزيج عجيب من الميتافيزيقا والشعر "الأسلوب الحلو الجديد" التسكاني. ذلك أن الشعراء الإيطاليين خرجوا على الشهوانية الصريحة التي وجدوها عند المغنين من شعراء بروفانس، وآثروا أن يحبوا، أو ادعوا أنهم يحبون، النساء بوصف كونهن ممثلات للجمال النقي المجرد، أو كونهن رموزاً للحكمة أو الفلسفة الإلهيتين. وكانت هذه نغمة جديدة في إيطاليا التي عرفت مائة ألف من شعراء الغزل. وربما كان قلم القديس فرانسس هو الذي حرك هذه الأفلام العفيفة، أو لعل كتاب الخلاصة لتومس أكوناس كان شديد الوطأة عليهم، أو لعلهم شعروا بتأثير المتصوفة المسلمين الذين لم يكونوا يرون في الجمال غير الله، والذين كانوا يوجهون قصائد الحب للخالق جل وعلا.

وتكونت المدرسة الحديثة من سرب من المغنين العلماء، فأخذ جونزلي Guinizelli، (١٢٣٠؟ -١٢٧٥) أحد مواطني بولونيا، الذي سماه دانتي والده في الأدب (٣)، يتغنى بفلسفة الحب الجديدة في أغنية ذائعة الصيت سماها أغنية "القلب الرقيق"، وطلب فيها أن يغفر له الله حبه لمعشوقته لأنها في رأيه الألوهية