والذي زينت جدرانه بعد قليل من ذلك الوقت بمظلمات من صنع تلاميذ جيتو Gitto واللورندستي Lorenzetti، والذي خلدت قبوره المزدانة بالتماثيل ذكرى الموتى من الأبطال أو الأسخياء وإن لم يدم هذا التخليد إلا إلى حين. وفي جامعة بيزا عكف المشترع البارع بارتولوس Bartolus الساسوفرتووى of Sassoferrato بعد إنشائها بزمن وجيز على تعديل القانون الروماني ليوائم حاجات العصر الذي كان يعيش فيه، ولكنه صاغ علم القانون في عبارات غريبة حمل عليه من أجلها بترارك وبوكاتشيو حملة شعواء. ولعل بارتولوس قد رأى من الحكمة أن تكون لغة القانون غامضة لأنه كان يبرر قتل الطغاة المستبدين، وينكر على الحكومات مصادرة أملاك الناس إلا بعد الإجراءات القانونية الواجب اتباعها في مثل هذه الأحوال (١).
وتوفي هنري السابع (١٣١٣) قبل أن يقرر هل يكون إمبراطوراً رومانياً أو لا يكون. وابتهج جلفيو إيطاليا بوفاته، ورأى السيد بتراتشيو أنه غير آمن على نفسه في بيزا فهاجر منها هو وزوجته وابنته إلى أفنيون القائمة على ضفة نهر الرون حيث كان البلاط البابوي قد اقيم من عهد قريب، وحيث كانت التجارة آخذة في الأتساع السريع، فأتاحا فرصاً ثمينة للمحامي البارع في مهنته. وركبت الأسرة سفينة شراعية سارت بمحاذاة الساحل إلى جنوى، ولم ينس بترارك قط ما كان يتجلى أمامه من مناظر ساحل الرفييرا الإيطالي الرائعة - من مدن كأنها التيجان على هامات جبال تنحدر إلى بحار زرقاء مخضرة، يقول فيها الشاعر الشاب:((إنها أشبه بالسماء منها إلى الارض)) (٢). ووجدت الأسرة بلدة أفنيون مليئة باصحاب المراتب العالية، فانتقلت منها إلى كاربنتراس Carpentras التي تبعد عنها نحو خمسة عشر ميلا نحو الشمال (١٣١٥)، وقضى فرانتسكو في هذه البلدة الثانية أربع سنين سعيداً في تواكله وعدم مبالاته بما يحيط به. وانتهت هذه السعادة حين أرسل إلى منبلييه (١٣١٩ - ١٣٢٣)، ومنها إلى بولونيا (١٣٢٣ - ١٣٢٦) لدراسة القانون.