وكان أرنلفو دي كمبيو، الرجل المجد الذي لا تنفذ قواه، هو الذي بدأ كنيسة الرهبان الفرنسيس المسماة سانتا كروتشي أو الصليب المقدس في عام ١٢٩٤، والذي بدأ أيضاً في عام ١٢٩٨ أجمل بناء في فلورنس كلها، وهو بلاتسا دلا سنيورا Palazz della Signora الذي تعرفه الأجيال المتأخرة باسم بلاتسافيتشيو. وتم بناء الكنيسة في عام ١٤٤٢ ما عدا واجهتها التي تمت في عام ١٨٦٣، أما البلاتسا دل سنيورا المعروفة أيضاً باسم القصر القديم فقد تمت أجزاؤها الرئيسية في علم ١٣٤١. وكانت هذه هي السنين التي شهدت نفي دانتي ووالد بترارك، ذلك أن النزاع الحربي كان وقتئذ على أشده، ولهذا شاد ارنفلوا لحاكم المدينة حصناً لا قصراً وجعل في سقف معاقل ذات مزاغل، وكان برج الجرس الفريد في نوعه يدعو برنين جرسه أهل المدينة إلى الاجتماع في مجلسها النيابي أو إلى حمل السلاح. ولم يكن كبراء المدينة Priori, Signori يحكمون من هذا المكان فحسب، بل كانوا ايضاً يعيشون فيه، وتظهر روح ذلك العصر في القانون الذي ينص على أن اولئك الكبراء لم يكن يجوز لهم أن يغادروا البناء لأي سبب كان. وأقام نيري دي فيورافنتي Neri di Fioravante فوق نهر الآرنوجسرا من أشهر جسور العالم وهو جسر فيتشيو Ponte Vecchio الذي تصدع الآن بفعل الأيام والحروب، ولكنه لا يزال ينوء بحمل حركة المرور واثنين وعشرين حانوتا. وكانت تقوم حول هذه الصروح الضخمة، التي أنشأها أهل فلورنس مدفوعين بروحهم الوطنية، في الشوارع الضيقة المؤدية من الكنيسة وميادين سنيوريا Signoria كانت تقوم حولها بيوت الأغنياء المعذبين، وكانت لا تزال وقتئذ بيوتا متواضعة، والكنائس الفخمة التي استحال فيها ذهب التجار فنا، وحوانيت التجار والصناع الصاخبة والمساكن المزدحمة التي تقيم فيها جمهرة الشعب المجد، الثائر، السريع الاهتياج، الذكي. وفي جنون هذه العناصر ولدت النهضة.