إلى فلورنس في عام ١٣٦٢ وأخذ يعمل في الكنيسة العظيمة إلى يوم وفاته. وكانت شهرة سانتا ماريا دل فيوري Santa Maria del Fiori- أكبر الكنائس التي بنيت في إيطاليا حتى ذلك الوقت- قد بدأت من عهد أرنلفو دي كمبيو Cambio Arnolfo di في عام ١٢٩٦، وتتابع عليها عدد من كبار الفنانين بعضهم في أثر بعض ظلوا يعملون فيها حتى هذا اليوم، ونذكر من هؤلاء جيتو، واندريا بيزانوا، وفرانتشسكو تالنتي وغيرهم. ويرجع تاريخ واجهتها الحالية إلى عام ١٨٨٧، ولا تزال الكنيسة الكبرى ناقصة إلى هذا اليوم، ولا بد أن يعاد بناء جزء كبير منها في كل قرن. وسبب ذلك أن العمارة كانت أقل الفنون نجاحاً في إيطاليا إبان عصر النهضة، لأنها اخذت في غير حماسة او اهتمام من الشمال بعض عناصر العمارة القوطية المعقد المستدق، وجمعت بينها وبين العمد المأخوذة من العمارة القديمة، ثم شادت فوق هذه كلها في بعض الأحيان القبة ذات الطراز البيزنطي. فكان هذا خليطاً غير متناسق العناصر، إذا استثنينا منه بعض الكنائس الصغرى من عمل برامنتي Bramante حكمنا بأنه تعوزه الوحدة والرشاقة. وكانت واجهة أرفيتو وسينا Siena مظهراً فخماً لفن النحت والفسيفساء أكثر منها مظهراً لفن العمارة الصحيح، وإن العناية الشديدة بإبراز الخطوط المستقيمة والناشئة من وجود طبقات متتالية من الرخام الأسود والأبيض في جدرانها، لما يسبب الانقباض للعين والنفس، مع أن معنى الكنيسة نفسه يجب أن يكون هو الضراعة أو الابتهال الصادرين إلى السماوات العليا. وإن من العسير أن نعد كنيسة سانتا ماريا دل فيوري- وهو الاسم الذي أطلق على كنيسة فلورنس بعد عامي ١٤١٢، وقد أشتق اللفظ الأخير (فيوري) من الزنبقة المرسومة على شعار المدينة-زهرة من الأزهار. ولولا القبة الشهيرة التي أنشأها برونلسكو Brunellrsco لعدت كهفاً قد يكون فراغه المظلم هو فم جحيم دانتي بدل أن يكون بيتاً لله.