جثث متجمعة، أو أن يحدث هذا مرة واحدة، بل إنك لتستطيع أن تجد توابيت كثيرة وقد وضع فيها الزوج وزوجته، وأخوان أو ثلاثة أخوة، وأب وابنه، وما إلى هذا وأمثاله … ووصل الأمر إلى حد لم يكن الناس معه يحصون من مات من الخلائق إلا كما يحصى الناس عدد الماعز في هذه الأيام (٤٣). ويرسم بوكاتشيو صورة كتابه ديكمرون من مناظر الخراب السالفة الذكر، وقد وضعت خطة إخراجه في "كنيسة سانتا ماريا نوفلا المعظمة " على أيدي "سبع فتيات ترتبك كل منهن بالأخريات برباط الصداقة أو الجيرة أو القرابة، وقد استمعن توا إلى القداس. وتتراوح أعمارهن بين الثامنة عشرة والثامنة والعشرين من العمر ". وكلهن ذوات فطنة، ونبل، وجمال، وآداب عالية، مرحات مرحا يزينه الشرف. "وتقترح إحداهن أن يقللن من خطر عدوى الطاعون بالرجوع إلى بيوتهن الريفية مجتمعات لا فرادى، وأن يأخذن معهن خدمهن، وأن يتنقلن من بيت ريفي إلى آخر وأن "يستمتعن بالمرح واللهو الذي يتيحه ذلك الفصل من فصول السنة … فهناك نستطيع أن نستمع إلى تغريد الطير، ونرى التلال والسهول وقد اكتست بحلة سندسية، والحقول وقد امتلأت بالقمح يتماوج فيها تماوج ماء البحر، وفيها نرى آلافا من أنواع الثمر، ونشاهد وجه السماء مبسوطا للناظرين، لا يحجب عنا جماله، وإن كان مغضبا علينا " (٤٤). وتوافق الفتيات على هذا الاقتراح، ولكن فلومينا Filomena تدخل عليه بعض التحسين فتقول: "إننا نحن النساء متقلبات، عنيدات، شديدات الريبة، خوارات العود " ولهذا فقد يكون من الخير أن يكون معنا بعض الرجال. وساقت إليهن الأقدار في تلك اللحظة ثلاثة رجال "ثلاثة شبان دخلوا عليهن الكنيسة … لم تقو صروف الزمان، أو فقد الأهل والأصدقاء … أن تنال منهن فتطفئ … نار الحب الملتهبة في قلوبهم … وكانوا جميعاً ذوي لطف وأدب جم وتربية عالية، وقد