محاريب الكنائس ليس فيها سبق مثيل في قوتها، وليس لها في بعض الأحيان مثيل في واقعيتها الوحشية. فقد صور أمبروجيو في بهو القسعة (المشيرين) في البلاتسوببليكو أربعة مظلمات (١٣٣٧ - ١٣٤٣): الحكومة الخبيثة وعواقب الحكومة الخبيثة، والحكومة الصالحة وعواقب الحكومة الصالحة. وقد استبقى فيها الرمزية المضادة في العصور الوسطى والتي تخلى عنها جيتو، فنرى صوراً فخمة لأشخاص يمثلون سينا، والعدالة، والحكمة، والاتفاق، والفضائل السبعة، والسلم- وتنحى الشخصية التي تمثل السلم في رشاقة كما تنحى آلهة فدياس. ونشاهد في صورة الحكومة الخبيثة الاستبداد جالسا على العرش، ووزيره الرعب، ونرى التجار تنهب بضائعهم في الطريق، والتحزب والعنف يخضبان المدينة بالدماء. وتظهر صورة الحكومة الصالحة المرسومة على جدران هذا البهو نفسه الأهلين السعداء يعملون مغتبطين في صناعاتهم اليدوية، وفي مسراتهم وتجارتهم، ونرى الزراع والتجار يقودون إلى المدينة بغالا محملة بالطعام والسلع، والأطفال يلعبون، والفتيات يرقصن، والآلات الموسيقية تصدر عنها نغمات صامتة، وترفرف فوق المنظر كله روح مجنحة ترمز إلى الأمن. وربما كان هذان الأخوان النشيطان هما اللذين صورا المظلم الضخم الذي يمثل انتصار الموت في الكامبو سانتو Campo Santo ( الميدان المقدس) في بيزا Pisa. وتمثل هذه الصورة جماعة من الصيادين مؤلفة من الأعيان والسيدات يرتدون ثياباً غالية الثمن، ويعثرون على ثلاثة توابيت تحتوي جثثا متعفنة لملوك. ويمسك أحد الصيادين بانفه اشمئزاز من رائحتها. ويحوم ملك الموت فوق هذا المنظر، وهو يلوح بمنجل ضخم، وفي الهواء ملائكة الرحمة يحرسون الأرواح الناجية في طريقها إلى الجنة،