طراز منعمة مستريحة. ونهج هذا النهج عينه الأساقفة أنفسهم، وكانت لهم هم أيضاً قصور فخمة مليئة بالمهرجين، والبزاة، والكلاب، على الرغم من احتجاج المجالس المقدسة في الأقاليم.
وتخلقت أفنيون وقتئذ بأخلاق حاشية الملوك وآدابها. فانتشرت فيها ضروب الخسة والسفالة، يشهد بذلك ما كتبه جويوم دوران Guillaume Durand أسقف مندى Mende إلى مجلس فينا يقول: قد يكون إصلاح الكنيسة كلها مستطاعا إذا بدأت كنيسة روما تطهر نفسها مما فيها من قدوة سيئة … تصم رجالها وصمة تتسرب عدواها إلى الناس كلهم … ذلك أن كنيسة الله المقدسة، وخاصة كنيسة روما أقدسها جميعا، قد ساءت سمعتها … في كل مكان، وأخذ الناس جميعا يصيحون ويذيعون في الخارج أن كل من تضمهم إلى صدرها من أعلاهم إلى أقلهم شأنا قد امتلأت قلوبهم طمعا … ومن الأمور الواضحة التي تلوكها الألسنة أن جميع المسيحيين يتخذون رجال الدين أسوأ قدوة لهم في الجشع، لأن هؤلاء الرجال يأكلون من موائد اشد ترفا وأعظم فخامة، وأكثر صحافا من موائد الأمراء والملوك (١١).
واستنفد بترارك، وهو من دانت له أساليب البلاغة، كل ما في معاجم اللغة من الفاظ السباب التي وصم بها أفنيون فقال عنها إنها:
بابل العاصية، جحيم الأرض، بالوعة الرذيلة، ومستودع أقذار العالم. لا تجد فيها إيماناً، ولا إحساناً، ولا ديناً، ولا خوفاً من الله … لقد تجمعت فيها جميع أقذار العالم وخباثته … ترى كبار السن من رجالها يندفعون غير مبالين إلى أحضان فينوس، لا يبالون بكبر سنهم أو كرامتهم، أو مالهم من سلطان، بل يرتكبون كل عار، كأن مجدهم كله لا يعتمد على صليب المسيح، بل يقوم على المأكل والمشرب، والسكر، والدعارة … فالفسق، ومضاجعة المحارم، وهتك الأعراض، والزنا هي أعظم المباهج الشهوانية لمهازل رؤساء الكنيسة (١٢).