الاحتفاظ بكيانها بغير الإيراد الذي كان يصل إليها من الولايات البابوية، ومع أن أنوسنت نفسه رجل سلم فقد رأى أن لا سبيل لاستعادة تلك الولايات إلا الحرب.
وعهد بهذه المهمة إلى رجل أوتى إيمان الأسبان وحماستهم، ونشاط الدمنيك، وفروسية عظماء قشتالة. ذلك هو جيل ألفارز كارلوده ألبرنوز Gil Alvarez Carillo de Albernoz. وكان جيل هذا جندياً في جيش الفنسو الحادي عشر صاحب قشتالة، ولم ينقطع عن الحرب بعد أن صار كبير اساقفة طليطلة، والآن وقد اصبح الكردينال إجديو دالبرتوز Egidio d'Albornoz فقد صار قائداً بارعاً. وقد اقنع جمهورية فلورنس- وكانت وقتئذ تخشى الطغاة وقطاع الطرق الذين كانوا يحيطون بها- أقنعها بأن تمده بما يلزمه من المال لتنظيم جيش. وافلح بالمفاوضات البارعة، الشريفة رغم براعتها، لا بالقوة، أن يخلع الطغاة الصغار الذي اغتصبوا الولايات البابوية طاغية بعد طاغية، ووضع لهذه الولايات "الدساتير الإجيدي"(١٣٥٧) التي ظلت قانونها الأساسي حتى القرن التاسع عش، والتي كانت حلا وسطا عمليا بين الحكم الذاتي والولاء للبابوية. وتغلب على جون هوكوود John Hawkwood المغامر الإنجليزي الذائع الصيت، واسره، وقذف في قلوب زعماء عصابات المغامرين الخوف من مندوب البابا إن لم يكن من الله، واستعاد بولونيا من رئيس أساقفتها المتمرد، وأقنع أمراء ميلان أن يعقدوا الصلح مع الكنيسة، وتهيأت بذلك السبيل لعودة البابوات إلى إيطاليا.
وواصل إربان الخامس سياسة إنوسنت السادس الصارمة الإصلاحية، وبذل كل ما في وسعه لإعادة النظام والأمانة إلى رجال الدين وإلى البلاط البابوي، وقاوم شرف الكرادلة، وقضى على خداع المحامين، وجشع المرابين، وابتزازهم أموال المدنيين، وعاقب من يتجرون بالمقدسات