كما نفعل نحن هذه الأيام، إذ يقضي الطبيب المقيم سنة أو سنتين في المران على أجسام المهاجرين والفقراء. بذلك قضى ربُّ النور نفسه إذ قال:
"يا خالق الكون يا قدوس، إذا شاء عبد من عباد الله أن يمارس فن العلاج، فأي الناس يجب أن يجرب فيهم حذقه؟ أيجربه في عباد أهورا- مزدا أم في عبدة الشياطين؟. فأجاب أهورا- مزدا بقوله: يجب أن يجرب نفسه في عبدة الشياطين لا في عباد الله؛ فإذا عالج بالمبضع عبداً من عبدة الشياطين فمات؛ وإذا عالج بالمبضع عبداً ثانياً من عبدة الشياطين فمات؛ وإذا عالج بالمبضع عبداً ثالثاً من عبدة الشياطين فمات، كان غير صالح أبد الدهر؛ ويجب أن يمتنع عن علاج أي عبد من عباد الله … وإذا عالج بالمبضع عبداً من عبدة الشياطين وشفى؛ وإذا عالج بالمبضع عبداً ثانيا من عبدة الشياطين وشفى؛ فإذا عالج بالمبضع عبداً ثالثا من عبدة الشياطين وشفى، كان صالحا أبد الدهر؛ وكان له إذا أراد أن يعالج عباد الله، ويشفيهم من أمراضهم بالمبضع"(١٣٠).
ولما كان الفرس قد وهبوا أنفسهم لإقامة صرح الإمبراطورية، فإن وقتهم لم يتسع لغير الحرب والقتال، ولذلك كان جل اعتمادهم في الفنون على ما يأتيهم من البلاد الأجنبية، شأنهم في هذا شأن الرومان سواء بسواء. نعم إنهم كانوا يتذوقون جمال الأشياء، ولكنهم كانوا يكلون إلى الفنانين الأجانب أو إلى من في بلادهم من الفنانين أبناء الأجانب صنع هذه الأشياء، ويحصلون من الولايات التابعة لهم على المال الذي يؤدون منه أجور أولئك الفنانين. وكانت لهم بيوت جميلة وحدائق غنّاء، تستحيل في بعض الأحيان بساتين للصيد ومسارح للحيوان؛ وكان لهم أثاث قّيم غالي الثمن: من نضد مصفحة برقائق الفضة والذهب أو مطعمة بها، وسرر فرشت عليها أغطية جاءوا بها من غير بلادهم، وطنافس لينة جمعت كل ألوان الأرض والسماء يفرشون بها أرض حجراتهم (١٣١). وكانوا يشربون في كؤوس من الذهب،