للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويزينون نضدهم ورفوفهم بمزهريات من صنع الأجانب (١). وكانوا مولعين بالعزف والغناء وبأنغام الناي والقيثار والنقر على الطبول والدفوف.

وكانت الجواهر كثيرة لديهم من تيجان وأقراط، إلى خلاخيل وأحذية مذهبة. وحتى الرجال أنفسهم كانوا يتباهون بحليهم يزينون بها أعناقهم وآذانهم وأذرعهم. وكانوا يستوردون اللؤلؤ، والياقوت، والزمرد، واللازورد من خارج بلادهم؛ أما الفيروز فكانوا يستخرجونه من المناجم الفارسية، وكان هو المادة التي تصنع منها الطبقة الموسرة أختامها. وكانت لهم حليّ ذات أشكال رهيبة غريبة تمثل في ظنهم ملامح الشياطين المعروفة لديهم. وكان ملكهم يجلس على عرش من ذهب تغطيه أكنان ذهبية مرفوعة على قوائم من الذهب (١٣٣).

ولم يكن للفرس طراز فني خاص إلا في العمارة. فقد شادوا في أيام قورش، ودارا الأول، وخشيارشاى الأول مقابر وقصوراً، كشف علماء الآثار القليل منها، وقد يستطيع المعول والمجرف- وهما المؤرخان اللذان لا ينقطعان عن البحث والتنقيب- أن يكشفا لنا في المستقبل القريب ما يعلي من تقديرنا للفن الفارسي (٢). ولقد أبقى لنا الإسكندر بفضل ما أثر عنه من كريم الشيم قبر قورش في بازار جادة، فأصبح طريق القوافل في هذه الأيام يمر بالطوار العاري الذي كان يقوم عليه من قبل قصر قورش وقصر ابنه المخبول. ولم يبق الآن من هذين القصرين غير عمد قليلة محطمة في مواضع متفرقة، أو كتف باب أو نافذة عليها نقوش تمثل ملامح قورش. وعلى مقربة من هذا الطوار في السهل المجاور له يشاهد القبر وقد


(١) وقد عرضت إحدى هذه المزهريات في المعرض الدولي للفن الفارسي الذي أقيم في لندن عام ١٩٣١ م. وكان عليها نقش يثبت أنها من مزهريات أرت خشتر الثاني.
(٢) تعمل الآن بعثة من بعثات معهد الشرق التابع لجامعة تشكاجو في التنقيب في أنقاض برسبوليس بإشراف الدكتور جيمس. هـ. برستد. ولقد كشفت هذه البعثة في عام ١٩٣١ م عن طائفة من التماثيل لا يقل عددها عن كل ما كان معروفاً قبلها من التماثيل الفارسية (كتب هذا قبل وفاة الدكتور برستد). (المترجم)