المحاولات، وأضحت البابوية في عهد بنيفاس الثامن هي العاهر التي وصفها سفر الرؤيا. وتزعم دلتشينو طائفة جديدة من الأخوان تدعى "إخوان بارما الرسوليين" رفضت سلطات البابوات، وورثت خليطاً من العقائد عن الباتارينيين Patarines، والولدنسيين Weldenses، والفرنسيس الروحيين. وكانوا يدعون أنهم يلتزمون بالعفة المطلقة، ولكن كل واحد منهم كان يعيش مع امرأة يسميها أخته. وأمر كلمنت الخامس محكمة التفتيش أن تحاكمهم، ولكنهم رفضوا المثول أمامها، وسلحوا أنفسهم، واتخذوا موقفهم في أسفل جبال الألب البيدمنتية. وسيرت محكمة التفتيش عليهم جيشا، ونشبت بين الجانبين معارك حامية الوطيس، وانسحب الإخوان إلى ممرات في الجبال حوصروا فيها حتى نفذ طعامهم، فأخذوا يأكلون الفئران والكلاب، والأرانب البرية، والكلأ، ثم هوجم معقلهم الجبلي أخيراً، وخر ألف منهم قتلى وهم يحاربون، وحرق منهم عدة آلاف (١٢٠٤). ولما سيقت مرجريتا إلى مكان الحرق، كانت لا تزال رائعة الجمال على الرغم من ذبول جسدها، وبلغ من جمالها أن عرض عليها رجال من ذوي المكانة أن يتزوجوها إذا تخلت عن إلحادها، ولكنها رفضت تلك العروض وأكلتها النار على مهل. واستبقى دلتشينو وزميل له يدعى لنجينو ليحاكما محاكمة خاصة، وأركبا عربة طافت بهما فرتشلي Vercelli، وقطع لحمهم جزءاً فجزءاً بالكلاليب أثناء هذا الموكب، وانتزعت أطرافهما وأعضاء تناسلهما من جسميهما ثم تركا آخر الأمر ليموتا (٢٦).
ويلذ لنا أن نتحول عن هذه الوحشية إلى ما عكفت عليه المسيحية من بث روح التقوى والصلاح في نفوس الرجال والنساء. ذلك أن القرن الذي شهد ما حل بأفنيون من ضروب المحن والفساد أخرج أيضاً مبشرين أمثال جيوفني دا مونتي كرفينو Giovanni da Monte Corvino وأودريك