البردينوني Oderic of Pordenone اللذين حاولا أن يهديا الهنود والصينيين إلى الدين المسيحي، ولكن الصينيين كما يقول إخباري فرنسيسي أصروا على اعتقادهم "الخاطئ بأن في وسع أي إنسان أن ينجو وهو في مذهبه (٢٧). وكان ما أفاده العالم من هذين المبشرين في علم الجغرافية أكثر مما أفاده منهما في شئون الدين".
وولدت القديسة كترين السينائية، وعاشت، وماتت في غرفة وضيعة لا يزال يؤخذ إليها الزائرون. وساعدت من هذه البقعة الصغيرة من الأرض على تحريك البابوية وعلى أن تبث في أهل إيطاليا من التقوى ما بقى بعد ريناشيتا Rinascita وريزر جمنتو Risorgimento. وانضمت وهي في الخامسة عشرة من عمرها إلى طائفة التوبة التابعة للقديس دمنيك، وكانت هذه الطائفة منظمة "ثلاثية" لا تتألف من رهبان او راهبات، بل تتألف من رجال ونساء يعيشون كما يعيش أهل الدنيا، ولكنهم يخصصون حياتهم قدر استطاعتهم لأعمال الدين والبر. وكانت كترين تعيش مع أبويها، ولكنها جعلت حجرتها أقرب ما تكون إلى خلود الزهاد، وانهمكت في الصلوات والتأملات الصوفية لا تكاد تترك حجرتها إلا للذهاب إلى الكنيسة. وقلق ابواها واضطربا لتفكيرها المتصل في شئون الدين وخشيا أن يؤثر ذلك في صحتها، فكانا يعهدان إليها بأشق أعمال البيت، ولكنها كانت تؤديها بلا ملل ولا شكوى وتقول:"أني أخصص في قلبي ركناً صغيراً ليسوع"(٢٨). وظلت محتفظة بصفاء كصفاء الأطفال. وبينما كان غيرها من البنات يبحثن عن جميع المباهج، والشكوك، والنشوة في الحب "الدنس"، كانت هي تبحث عنها وتجدها في الخشوع للمسيح، وكانت وهي في عنفوان هذه التأملات المتزايدة أثناء عزلتها تفكر في المسيح وتتحدث اليه كأنه حبيبها السماوي، وتتبادل القلب معه، وترى نفسها في الرؤيا كأنها قد تزوجته، وأطالت التفكير في جراح المصلوب