وأنشأ من هؤلاء (١٤٠٥) طائفة الفرنسيس الممتثلين Obbervantine Franciscans أي الأخوان اللذين يتقيدون تقيداً صارماً بقوانين تلك الطائفة، وخضعت له قبل موته ثلاثمائة من الأديرة.
وخلعت طهارة حياته ونبلها على مواعظه بلاغة لا تستطاع مقاومتها وكان في روما نفسها، التي كان أهلها أشد خروجاً على القانون من أهل أية مدينة أخرى في أوربا، يستدرج المجرمين إلى الاعتراف بجرائمهم، والخاطئين إلى التوبة من خطاياهم، والمتخاصمين الذين اعتادوا الخصام إلى أن يجنحوا للسلم. وأقنع برنردينو رجال روما ونساءها، قبل أن يحرق سقنرولا الأباطيل في فلورنس بسبعين عاماً، أن يلقوا بورق اللعب، والنرد، وتذاكر اليانصيب، والشَّعر المستعار، والصور والكتب البذيئة، وآلاتهم الموسيقية نفسها، في كومة كبيرة جنائزية على الكبتول حيث أشعلت فيها النار (١٤٢٤). وأحرقت بعد ثلاثة أيام من ذلك العمل وفي الميدان نفسه فتاة اتهمت بالسحر، واحتشدت روما على بكرة أبيها لتشاهد المنظر (٣١). وكان القديس برنردينو نفسه "من أشد الناس اضطهاداً للإلحاد إرضاء لضميره".
وهكذا اختلط الطيب والخبيث، والجميل والمروع القبيح، في تيار الحياة المسيحية وفوضاها. وظلت الجماهير الساذجة من أهل إيطاليا قانعة بحالها التي كانت عليها في العصور الوسطى راضية عنها، أما الطبقتان الوسطى والعليا، وقد كادت تسكرهما خمرة الثقافة القديمة التي طال اختزانها في البلاد، فقد كان أفرادهما يغدون ويروحون تملأ أعطافهم الروح المتحمسة النبيلة لخلق النهضة والإنسان الحديث.