أن تندد بالمطارنة والأحبار في وجوههم، وتقول لهم إن عودتهم إلى روما وإلى الحياة الصالحة هي وحدها التي يمكن أن تنقذ الكنيسة مما هي فيه، وإذ كانت هي نفسها عاجزة عن الكتابة، فقد أخذت وهي فتاة في السادسة والعشرين من عمرها تملئ بلغتها الإيطالية البسيطة الرنانة رسائل صارمة ولكنها يسري فيها الحب تبعث بها إلى البابوات، والأمراء، والحكام، وتكاد تظهر في كل صفحة من صفحاتها تلك الكلمة التي كانت تنبئ بما سيكون وهي كلمة الإصلاح. وأخفقت في مسعاها مع رجال الحكم، ولكنها أفلحت مع الشعب. وابتهجت حين جاء إربان الخامس إلى روما، وحزنت حين غادرها، ثم عادت إلى الحياة النشيطة حين جاء إليها جريجوري الحادي عشر، وأسدت النصح الرشيد إلى إربان السادس، ولكنها روعت من وحشيته، ولما أن مزق أنقسام البابوية العالم المسيحي وفرقه شيعتين، كانت بين الضحايا الأولى لهذا النزاع الذي لا مبرر له، ذلك أنها قللت طعامها حتى لم يكن يزيد على بضع لقمات، وأوغلت في النسك إيغالا بلغ من شدته، كما تقول القصة، أن كان غذاؤها الوحيد هو الخبز المقدس الذي تتناوله أثناء العشاء الرباني. وكان من أثر هذا أن فقدت قدرتها على مقاومة المرض، كما أن الانقسام الديني أفقدها ارادة الحياة، فانتقلت إلى الدار الآخرة بعد عامين من هذا الانشقاق، وكانت وقتئذ في الثالثة والثلاثين من عمرها (١٣٨٠). ولا تزال حتى اليوم قوة تعمل للخير في إيطاليا التي كانت تحبها لا تزيد عليها في ذلك إلا قوة المسيح والكنيسة.
وولد في ذلك العام نفسه وفي المدينة التي توفيت فيها كترين القديس برنردينو St. Bernerdino وصاغته وشكلته التقاليد التي خلفتها، فكان يقضي أيامه ولياليه أثناء الطاعون الذي فشا في عام ١٤٠٠ في العناية بالمرضى، ولما انضم إلى طائفة الرهبان الفرنسيس ضرب لهم المثل في العمل بقوانين الطائفة والتقيد الشديد بها. وحذا كثيرون من الرهبان حذوه،