للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بروني يسميه «رقيب اللسان اللاتيني»، وكان يفعل ما يفعله غيره من المؤلفين فيعرض ما يكتبه على نقولي ليصححه قبل ان ينشره. وكان نقولي يملأ بيته القديم من كتب الأدب، والتماثيل، والنقوش، والمزهريات، وقطع النقد، والجواهر، وقد امتنع عن الزواج خشية أن يلهيه زواجه عن كتبه، ولكنه وجد لديه متسعاً من الوقت يقضيه مع حظية سرقها من فراش أخيه (٢٥). وقد فتح أبواب مكتبته لكل من يعني بالدراسة فيها، وحث شبان فلورنس على أن يهجروا ويستبدلوا به الأدب. وأبصر مرة شابا ثرياً يقضي يومه بلا عمل فسأله: «ما هي غايتك في الحياة؟» فأجابه في صراحة: «غايتي أن استمتع بوقتي»، فسأله نيقولي مرة أخرى: «فإذا انقضى عهد شبابك فماذا يكون شأنك؟» (٢٦) وأدرك الشاب ما ينطوي عليه هذا القول من معنى، ووضع نفسه من ذلك الوقت تحت سلطان نيقولي وإرشاده.

وترجم ليوناردو بروني، الذي كان أميناً لأربعة بابوات ثم صار فيما بين عامي ١٤٢٧ و ١٤٤٤ لمجلس السيادة في فلورنس، طائفة من محاورات أفلاطون إلى لغة لاتينية ممتازة كشفت لإيطاليا لأول مرة عن روعة أسلوب أفلاطون، وألف ليناردو باللغة اللاتينية تاريخاً لمدينة فلورنس كان سبباً في أن أعفته الجمهورية هو وأبناءه من الضرائب، وكانوا يوازنون بين خطبه وخطب بركليز. ولما توفى أقام له كبار المدينة جنازة عامة كما كان يقام للأقدمين، ودفن في كنيسة سانتا كرونتشي (الصليب المقدس Santa Croce) ووضعوا كتابه التاريخ فوق صدره، وخطط له برناردو روسلينو قبراً عظيماً فخما يستريح فيه.

وولد كارلو مارسبيني Corlo Marsuppini في ارتسو كما ولد فيها بروني وخلفه في أمانة مجلس السيادة، وقد روع أهل زمانه بأن كان يحفظ نصف الآداب اليونانية والرومانية عن ظهر قلب. ولم يكن يترك مؤلفاً