الإنسانيين إلى الأشراف وآثر عليها القصص المرحة التي كان يكتبها له ساكتي Sacchetti، وبنديلو Bandello، أو الروايات الغرامية التي تمزج الحرب بالحب والتي كانت تترجم أو تقتبس باللغة الإيطالية من الفرنسية. بيد أن الافتتان العابر بلغة ميتة وأدب «خالد» قد أعان المؤلفين الإيطاليين على أن يستردوا ما كان لهم من شغف بفنون العمارة، والنحت وموسيقى الأسلوب، وأن يضعوا قواعد الذوق والنطق التي رفعت اللغة القومية إلى صورتها الأدبية، ووضعت للفن هدفا ومستوى. وإذا انتقلنا إلى مجال التاريخ وجدنا أن الإنسانيين هم الذين أنهوا عهد الإخباريين المتعاقبين من كتاب العصور الوسطى، وهم الكتاب الخالية كتبهم من النقد السليم والمليئة بالفوضى، وأحلوا محل طريقتهم تمحيص المصادر والتوفيق بينها، وعرض مادتها عرضا منتظما واضحا، وبعث الحيوية والإنسانية في الماضي بمزج السير بالتاريخ، والارتفاع بقصتهم إلى مستوى فلسفي بتمحيص علل الحوادث، وتياراتها، ونتائجها، ودراسة ما في دروس التاريخ من انتظام واتساق.
وانتشرت الحركة الإنسانية في جميع أنحاء إيطاليا، ولكن زعماءها كلهم تقريباً من مواطني فلورنس أو خريجيها إلى أن جلس رجل من آل ميديتشي على كرسي البابوية. وكان كولوتشيو سلوتاري Coluccio Salutari الذي أصبح الأمين الإداري لمجلس الحكام في عام ١٣٧٥ حلقة الاتصال بين بترارك وبوكاتشيو من جهة وكوزيمو من جهة أخرى، وكان يعرف ثلاثتهم ويحبهم جميعاً. وكانت الوثائق العامة التي كتبها نماذج عالية من اللغة اللاتينية الفصحى، وكانت هي المثل الذي حاول الموظفون العموميون في البندقية، وميلان، ونابلي، ورومة أن يحتذوه، وقال جيانجليتسو Giangaleazzo أمير ميلان إن سالوتاري قد أضر اسلوبه الممتاز أكثر مما يستطيع أن يضره جيش من الجنود المرتزقين (٢٤). وكان اشتهار نيقولو دة نيقولي بأسلوبه اللاتيني يعادل اشتهاره بجمع المخطوطات، وكان