والرومانية القديمة. لقد كان دوناتلو ذا روح مستقلة لا تقل قوة عن تمثاله لداود أو جرأة عن تمثاله للقديس جورج. ولم تنضج عبقريته بالسرعة التي نضجت بها عبقرية جبرتي، ولكنها كانت أسمى منها وأوسع مجالا. ولما ان تم نضوجها أخذت تنثر الآيات الفنية الرائعة بلا حساب حتى امتلأت فلورنس بتماثيل من صنعه، ورددت اًصداء شهرته أصقاع ما وراء جبال الألب. ولما بلغ الثانية والعشرين من عمره نافس جبرتي بأن صنع لأورسان ميتشيل Or San Michele، تمثالا للقديس بطرس، ثم فاقه وهو في السابعة والعشرين حين اضاف لهذا الصرح تمثالا للقديس مرقس بلغ من القوة، والبساطة، والإخلاص، درجة «يستحيل معها أن يرفض الإنسان الإنجيلي الذي يبشر به مثل هذا الرجل الصريح» على حد قول ميكل أنجيلو (١) وكان دوناتلو وهو في الثالثة والعشرين قد كلف بنحت تمثال داود ليوضع في الكتدرائية، ولم يكن هذا إلا واحداً من عدة تماثيل لداود قام بصنعها، ذلك أن موضوعها كان لا ينفك يطرب خياله. ولعل أجمل أعماله كلها هو تمثال داود المصنوع من البرنز، والذي كلفه به كوزيمو وصبه في عام ١٤٣٠ وأقيم في فناء قصر آل ميدتشي وهو الآن في بارجلو Bargello. وكان هذا التمثال أول تمثال عار مجسم من تماثيل النهضة ظهر في غير أمام الجماهير: كان له جسم أملس متين البناء يطالعك لحمه بنضرة الشباب وقوته، ووجه لعله أسرف في جعل صورته الجانبية يونانية الملامح، وخوذة، ولا شك
(١) أورسان ميتشيل هو المزار الديني الذي أقامه فرانتشسكو، وسيمون تالنتي، وبنسي سيوني (١٣٣٧ - ١٤٠٤) للطوائف الكبرى لأرباب الحرف. وكانت كل طائفة من هذه الطوائف يمثلها فيه تمثال وضع في كوة في الجدران الخارجية. وقد قام بصنع هذه التماثيل من الفنانين جبرتي، وفروتشيو، وناني دي بانكون، وجيان بولونيا.