للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أنهما يونانية من الحد الواجب. ولقد نبذ دوناتلو الواقعية في هذه المرة، واستسلم الفنان لخياله، وكان يبلغ في هذا التمثال ما بلغه فيما بعد تمثال ميكل أنجلو الأكثر منه شهرة للملك العبراني.

ولكنه لم يلق في تمثال المعمدان ما لقيه هنا من النجاح، ذلك أن هذا الموضوع موضوع شاق غريب على روحه الدنيوية، ولهذا كان تمثالا يوحنا القائمان في بارجلو سخيفين ليس فيهما حياة. وأجمل منهما كثيراً رأس طفل سمى لغير سبب معقول سان جيو فانينو-رأى القديس يوحنا الصغير. ومن التماثيل التي تشاهد في معرض دوناتلو أيضاً تمثال القديس جورج الذي يجمع بين واقعية المسيحية المجاهدة وخطوط الفن اليوناني المقيدة غير الطليقة. ووقفة التمثال قوية تنم عن الثقة بالنفس، والجسم قوي ناضج، والرأس بيضي قوطي ولكنه يستبق رأس بروفس الروماني الطراز الذي نحته بوانارتي Buonarotti. وصنع لواجهة كتدرائية فلورنس تمثالين قويين لإرميا وحبقوق، وكان ثانيهما أصلع إلى حد جعل دوناتلو يطلق عليه اسم «القرعة الكبيرة». ولا يزال تمثال يوديث القائم فوق «بواكي الرماحة» والذي صنعه دوناتلو تنفيذاً لأمر كوزيمو، لا يزال هذا التمثال يلوح بسيفه فوق هولوفرنير Holofernes. ويرى القائد الذي دس له المخدر في النبيذ نائماً في هدوء قبل أن يقطع رأسه، والفكرة التي أوحت به وطريقة تنفيذها غاية في البراعة، ولكن الفتاة التي قتلت الطاغية تقبل على عملها مرتدية كامل ثيابها في هدوء لا يتفق مع رهبة الموقف.

ووضع دوناتلو أثناء رحلة قصيرة إلى روما (١٤٣٢) تصميم معبد من الرخام قديم الطراز لكنيسة القديس بطرس القديمة. وأكبر الظن أنه درس وهو في روما التماثيل النصفية الباقية من عهد الإمبراطورية، وسواء كان ذلك أو لم يكن فقد كان هو الذي عمل أول تمثال نصفي ذي شأن في عصر النهضة. وكانت خير صوره الفنية كلها تمثاله النصفي الذي صنعه من الطين