عدا عليها الزمان، تعد في ذلك الوقت من الآيات الفنية الرائعة: وتبلغ حد الكمال في تركيبها، غنية بألوانها، حية في قَصَصِها، وتصل إلى ذروة الفن على أحد جانبي موضع المرنمين حيث نشاهد رقص سالومة، وعلى الجانب الثاني حيث نشاهد رجم استيفن. ووجد فلبو أن هذا العمل ممل أكثر مما يتقن مع حركته ونشاطه، ففر منه مرتين، ثم أقنع كوزيمو البابا بيوس الثاني في عام ١٤٦١ أن يحل الفنان من الإيالن التي أقسمها عند دخول الدير، ويبدو أن فلبو قد أحل أيضاً من وفائه للكريتسيا، التي لم تعد تليق لأن تقف امامه ليتخذها نموذجاً لصور العذراء. وبذل سدنة الكنيسة براتو كل ما في وسعهم ليغروه بالعودة لاتمام مظلماته، وبعد عشر سنين من بدئه فيها أفلح كارلوده ميديتشي ابن كوزيو غير الشرعي الذي كان وقتئذ المبلغ لأوامر البابا، في حمله على إتمامها. وبذل فلبو في تصوير منظر دفن استيفن كل ما لديه من قوة- بذله في فن المنظور الخداع الذي يتمثل في البناء القائم في خلفية الصورة، وفي الصور الانفرادية للأشخاص المحيطين بالجثة، وفي التناسب القوي بين أجزاء الصورة وفي وجه النغل ابن كوزيمو الهادئ المستدير وهو يقرأ الصلوات على الموتى.
ولقد كانت أجمل الصور التي رسمها فلبو هي صور العذراء (١)، وذلك
(١) ومن أمثلة هذه الصور صورة البشارة في كنيسة سان لورندسو في فلورنس ففيها ترى فتاة فلاحة في موقف استرحام وتواضع، وترى العذراء تعبد الطفل (في برلين الآن)، تتلألأ في جلباب العذراء الأزرق وفي فراش الأزهار الذي تحت الطفل، والعذراء المحفوظة في أفيزي ذات الوجه الأشقر الوقور، والنقاب المهفهف، والرداء المسدول بطريقة تكسبه جمالا فوق جماله، والعذراء التي في معرض بتي، والعذراء والطفل في قصر آل ميديتشي، والعذراء والطفل بين القديسين فرديانو وأوغسطين المحفوظة في متحف اللوفر، وتتويج العذراء المحفوظة في الفاتيكان، وتتويج العذراء وما بجانبها من صور لأشخاص ثانويين ذوي ظرف، ورشاقة، ومنهم فلبو نفسه راكع للصلاة، وقد تاب آخر الأمر. وهذه الصورة توجد الآن في أفيزي.