للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان حفر المعادن من مخترعات فلورنس، ومات مبتدع هذا الفن في نفس العام الذي مات فيه كوزيمو. كان توماسو فنجورا Tommaso Finiguerra من صناع النِّل أي أنه كان يحفر اشكالا مختلفة على المعدن أو الخشب، ثم يملأ الفراغ الحادث بمركب أسود مصنوع من الفضة والرصاص. وتقول أحد القصص اللطيفة إن قطعة من الورق أو القماش سقطت مصادفة على سطح معدني فرغ هو توا من تطعيمه، فلما رفعها وجد صورة السطح المعدني مطبوعة عليها. إن في هذه القصة شواهد على أنها وضعت بعد أن تم اختراع هذا الفن، على أنه مهما يكن من أمرها فإن فنجورا وغيره من الفنانين قد عمدوا إلى أخذ بصمات على الورق ليحكموا منها على أثر الرسوم المحفورة. ويلوح أن باتشيو بلديني Baccio baldini ( حوالي ١٤٥٠) وهو صائغ فلورنسي هو أول من أخذ هذه الطوابع من سطوح المعادن المحفورة، ليتخذها وسيلة لحفظ رسوم الفنانين وتكثيرها. وكان بتيتشلي، ومنتنيا Mantegna وغيرهم يمدونه بالرسوم. وبعد جيل من ذلك الوقت ارتقى ماركنتنيو ريمندي Marcantonio بالأصول الجديدة لفن النحت، واتخذها وسيلة ينشر بها في العالم فن التصوير في عهد النهضة بجميع مظاهره ما عدا ألوانه.

ولقد استبقينا إلى آخر هذا الباب رجلا لا نعرف أي صنف نضعه فيه، وخير طريقة لفهمه أن نقول إنه جمع كل خصائص زمانه وتجسمت فيه. لقد جمع ليون باتستا ألبرتي Leon Battista Alberti كل خصائص القرن الذي عاش فيه عدا ناحيته السياسية. فقد ولد في مدينة البندقية لأب منفي من فلورنس، ثم عاد إلى فلورنس، حين أعيد إليها كوزيمو، وشغف حباً بفنها، مومسيقاها، وندواتها الأدبية والفلسفية. واستجابت فلورنس لحبه هذا بأن خلعت عليه لقب الرجل الكامل الذي ليس بعد كماله كمال. فقد كان وسيما الوجه، قوي البنية، بارعاً في جميع أنواع الرياضة الجسمية،