وكان لورندسو من حيث الشئون الداخلية يحكم عن طريق مجلس السبعين Consiglio di Settante. وكان هذا المجلس يتألف بنص دستور سنة ١٤٨٠ من ثلاثين عضواً يختارهم مجلس سيادة المدينة القائم في ذلك العام، ومن أربعين عضواً آخرين يختارهم هؤلاء الثلاثون .. وكانت عضويته تدوم مدى الحياة، وكان ما يحدث فيه من فراغ يملأ باختيار هؤلاء الأعضاء أنفسهم، وبفضل هذا النظام لم يكن مجلس السيادة وحامل العلم أكثر من عمال منفذين لسياسة مجلس السبعين، واستغنى بهذا عن البرلمان الشعبي وعن الانتخابات العامة. ولم تكن معارضة هذه السياسة بالأمر الهين، لأن لورندسو كان يستخدم الجواسيس للوقوف عليها، وكانت لديه الوسائل الكافية لمضايقة معارضيه من الناحية المالية. وبذلك اختفت الأحزاب القديمة إلى حين، وقضى على الجرائم، وساد النظام وإن ضعفت الحرية، وفي ذلك يقول أحد الكتاب المعاصرين:" ليس لدينا هنا تلصص، ولا اضطرابات ومشاغبات ليلية، ولا اغتيالات بل إن في مقدور كل إنسان أن يصرف شئونه ليلاً أو نهاراً وهو آمن كل الأمان"(٩). ويقول جوتشيارديني Guiceiardini: " إذا كان لا بد لفلورنس أن يكون لها حاكم مستبد، فإنها لم يكن في مقدورها أن تجد مستبداً خيراً منه أو اكثر منه بهجة". وكان التجار يفضلون الرخاء الاقتصادي على الحرية السياسية، أما صعاليك المدينة فقد شغلوا على الدوام بالاشغال العامة الواسعة النطاق، وغفروا للورندسو سلطانه المطلق مادام يمدهم بالخبز والالعاب. وأما الاغنياء فكان يغريهم بالعاب الفروسية، ويثير مشاعر الطبقات الوسطى بسباق الخيل، والعامة بالحفلات والمواكب.
وكان من عادة أهل فلورنس في أيام المواكب التنكرية أن يطوفوا بشوارع المدينة في أقنعة زاهية مخيفة، ينشدون أغاني هجائية أو غرامية، وأن ينظموا مواكب نصر- مايسمونه الترينفي Trionfi - وهي استعراض