نصبين فخمين لقبري سكتس الثامن أظهر فيهما من قوة النت ودقة العلم بالتشريح ما يبشر مرة أخرى ببراعة ميكل أنجيلو المقبلة.
ولم يكن مينو دا فيسولي Mino da Fesole يضارع أنطونيو هذا في تعدد كفايته أو في شدة انفعاله؛ فقد قنع بأخذ فن النحت عن دزيديريو دا ستنيانو Desiderio da Settigonano، ولما مات أستاذه اكتفى بالسير على ما كان له من تقاليد في الرشاقة السهلة اللينة. ولقد بلغ من تأثر مينو بموت دزبديريو، إذا جاز أن نصدق فاساري، أنه لم يجد بعدئذ شيئاً من السعادة في فلورنس، وأخذ يطلب مناظر جديدة في روما. وفيها أذاعت شهرته ثلاث تحف فنية هي: قبرا فرنتشسكو ترنابؤوني Francesco Tornabuonj والبابا بولس الثاني، ورواق من الرخام للكردنال ده استوت فيل Cardinal d' Stouteville، فلما عادت إليه الثقة ونجا من الإفلاس عاد إلى فلورنس وزين بمحاريب بديعة كنائس سانت أميروجيو sant' Ambrogio وسانتا كروتشي (الصليب المقدس)، ومكان التعميد، وانشأ في كتدرائية فيسولي موطنه الأول قبراً مزخرفاً على الطراز الروماني القديم للأسقف سالوتاتي Salutati وصنع لدير فيسولي نصبا آخر شبيهاً به، اقل منه إمعاناً في الزخرف ليخلد به ذكرى الكونت أوجو Count Ugo مؤسس الدير. ومما تفخر به كتدرائية براتو Prato منبر من صنعه، وثمة اثنا عشر متحفاً يعرض فيها تمثال نصفي أو أكثر من تمثال نصفي حفظ فيها صورة انصاره أكثر مما تملقهم: صورة وجه نقولو استرتسي منتفخاً كأنه مصاب بالنكاف (١)، وصور ملامح بيرو المصاب بالنقرس وما يبدو فيها من هزال، ورأس ديتيلسفي نيروني Dietisalbvi Neroni الجميل، وعمل نقشاً بارزاً جميلاً لماركس أورليوس في شبابه، وتمثالاً نصفياً رائعاً لقديس يوحنا المعمدان في طفولته، ونقوشاً بارزة بديعة للعذراء والطفل. وتبدو في هذه
(١) التهاب الغدة النكفية وهو مرض معدي حاد. (المترجم)