للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التماثيل النصفية ما يفوق تمثال فلبو استرتسي الذي في التزم فيه أمانة التصوير وكشف فيه عن خصائص صاحبه، وقل أن نجد في المقادير ما يضارع في جماله قبر استرسي هذا الذي أنشأه له في سانتا ماريا نوفلان ولا في المنابر ما هو أعظم رشاقة في نحته من المنبر الذي صنعه بينيديتو لكنيسة الصليب المقدس Santa Croce، وقل أن نجد في المحاريب ما هو أقرب إلى الكمال من محراب سانتا فينا Santa Fina القائم في كنيسة سان جمنيانو san Gimignano المعهدية (١).

وكان النحت والعمارة يوجدان عادة في أسر بعينها- كأسر دلا ربيا della Robias، وسنجالو sangalli، وروسلينو Rossllini، وبولايولو. وقد تعلم أنطونيو بولايولو عم سيموني دقة التصميم ورقته حين كان صائغاً في مشغل والد ياقوبو. وقد رفعته منتجاته من الفضة والذهب إلى مكانة جعلته تشيليني Cellini زمانه، والصديق المفضل للورندسو، وللكنائس، ومجلس السيادة في فلورنس، وطوائف الحرف. ولاحظ أنطونيو أن هذه التحف الصغيرة قلما تحتفظ باسم صانعها، وكان يتوق كما يتوق رجال النهضة إلى تخليد شهرته، فأتجه نحو النحت وصب من البرنز تمثالين فخمين لهرقول Hercules لا يقلان في قوتهما عن تمثال الاسرى لميكل أنجيلو وعن تمثال لأوكؤون الذي رمز إلى العاطفة المعذبة. ولما انتقل بعدئذ إلى الرسم روى قصة هرقول في ثلاثة رسوم جدارية لقصر آل ميديتشي، وتحدى بتيتشلى في صورة أبلو ودافني وضارع سخف مائة من الفنانين بأن أظهر كيف يستطيع القديس سبستيان أن يتلقى وهو هادئ السهام التي يرميه بها الرماة من أقواسهم على مهل، فلا تؤثر في جسمه قط. وعاد أنطونيو في سنيه الأخيرة إلى صنع التماثيل، وصب لكنيسة القديس بطرس القديمة في رومة


(١) الكنيسة المعهدية هي التي تقام على بعد قليل من كتدرائية والتي يقيم فيها طائفة من القساوسة يعيشون فيها جماعة. (المترجم)