عظمة أخرى في غيره من الفنون) يستطيع أن يواصل العمل الممتاز الذي بلغه هذا الأستاذ؛ ولكنه علم رسامين نابغين- هما ليوناردو وبروجينو- وآخر أقل منهما كغاية وإن كان ايضاً من ذوي الكفايات الملحوظة، ونعني به لورندسو دي كريدي Lorenzo di Credi. وكان سبب ذلك أن الرسم أخذ يحل تدريجاً محل النحت بوصفه الفن المحبب إلى قلوب الناس؛ وأكبر ظننا أنه قد كان من الخير أن الرسامين لم يفيدوا من الرسوم الجدارية القديمة المفقودة، ولم يخضعوا لها ويتقيدوا بها. لقد كانوا يعرفون أن قد وجد من قبل رجال مثل أبليز Apelles وبروتجنيز Protogenes، ولكن قل منهم من شاهد بقايا الرسوم القديمة في الإسكندرية أو بمبي؛ لهذا لم يكن ثمة إحياء للقديم في هذا الفن، وكان الاتصال بين العصور الوسطى والنهضة في هذه الناحية واضحاً لا خفاء فيه: فقد كان خط السير من الرسامين البيزنطيين لدوتشيو Duccio ثم إلى جيتو فالراهب أنجلكو فليوناردو، فرفائيل فتيشيان، نقول إن هذا الخط كان منحرفاً معوجا، ولكنه كان واضحاً لا خفاء فيه؛ ومن أجل هذا كان على الرسامين، أن يضعوا بتجاربهم وأخطائهم قواعد فنهم وطرازه، ولم يكن هذا شأن المثالين. لقد فرض عليهم الابتكار وفرضت عليهم التجارب فرضا، فكانوا يكدحون لإظهار دقائق تشريح الإنسان، والحيوان، والنبات؛ وجربوا أنواعاً من التوليف الدائري، والمثلثي وغيرهما من الأشكال؛ وكشفوا عن حيل المنظور، وخداع التظليل لكي يعطوا لخلفيات الصور أعماقاً؛ ولاشكالهم أجساماً؛ وكانوا يجوبون الشوارع بحثاً عن الرسل والعذارى، ورسموا من نماذج عارية أو مكسوة، وانتقلوا من التصوير على الجص إلى التصوير الزلالي، ثم انتقلوا مرة أخرى من هذا إلى ذاك، واستخدموا القواعد الجديدة للرسم بالزيت التي جاء بها إلى شمالي إيطاليا روجيير فان درفيدن Rogier van der Weyden وأنطونيو دا ميسينا Aonio da Messina، وكانوا كلما ازدادوا مهارة وشجاعة، وكثر عدد مناصريهم