والبهتان- يقودهن رجل رث ممزق الثياب (الحسد)، يسحبن ضحية عارية من شعرها إلى محكمة يجلس فيها قاض ركبت في رأسه أذنا حمار طويلتان، تقدم له النصح امرأتان تمثلان الريبة والجهل، ويتأهب للانصياع إلى غضب الجمهور المتعطش لسفك الدماء، فيحكم بإعدام الرجل الآثم. وإلى اليسار يُرى الندم متشحا بالسواد وينظر في أسى وحسرة إلى الحقيقة العارية-وهي هنا فينوس بتيتشيلي مرة أخرى مكتسية بشعرها المتلوي نفسه. ترى هل قصد بالضحية أن تمثل سفنرولا؟ ربما كان ذلك، وإن كانت النساء العرايا يروعن الراهب لو أنه رآهن.
وكان آخر آيات بتيتشلي الفنية هي صورة الميلاد المحفوظة بالمعرض الأهلي بلندن، وهي صورة مضطربة ولكنها جميلة الألوان، تظهر مرة أخرى ما طبع عليه من رشاقة منسقة مؤتلفة. ويبدو كل شئ في هذه الصورة وكأنه يستنشق السعادة السماوية، فتعود فيها سيدات الربيع في صورة ملائكة ذات أجنحة ترحب بهذا الميلاد المعجز المنقذ، ويرقصن على فنن معلق في الفضاء معرضات أنفسهن للخطر. ولكن بتيتشلي كتب على الصورة باللغة اليونانية هذه العبارة التي تشتم منها رائحة سفنرولا وتعيد في أوج النهضة ذكرى العصور الوسطى.
"رسمت، أنا ألسندرو، هذه الصورة في آخر عام ١٥٠٠ وقت اضطراب إيطاليا .. حين وقعت الأحداث التي وردت في (الإصحاح) الحادي عشر من إنجيل يوحنا، في الجزء الثاني من أجزاء الرؤيا، حين انطلق الشيطان ثلاث سنين ونصف سنة. وسوف يصفد فيما بعد، كما ورد في (الإصحاح) الثاني عشر من إنجيل يوحنا، وسنراه يداس بالأقدام في هذه الصورة".
وليس لدينا شئ من تصويره بعد عام ١٥٠٠، ولم يكن وقتئذ قد تجاوز السادسة والخمسين، ولعله كان لا يزال فيه شئ من القدرة الفنية،