وتنحى لورندسو عن الاشتراك الفعلي في حكم فلورنس، وأخذ يعهد بقسط متزايد من أعماله العامة والخاصة لابنه بيرو، وطلب الراحة لنفسه في هدوء الريف وحديث الأصدقاء؛ ودافع عن مسلكه هذا برسالة تفصح عن طبيعته المميزة له قال فيها:
وهل شئ أحب لذي العقل المنظم من الاستمتاع بالفراغ مع الكرامة؟ إن هذا هو الذي يرغب في الحصول عليه كل الخيرين من الرجال، ولكنه لا يناله إلا العظام منهم. نعم إننا ونحن في خضم الشئون العامة قد يتاح لنا أن نتطلع إلى يوم نستريح فيه من عناء العمل؛ ولكن الراحة أيا كانت يجب ألا تحول بيننا حيلولة تامة عن العناية بما يهم بلدنا. ولست بمستطاع أن أنكر أن الطريق الذي قدر على أن اسلكه كان طريقاً مجهداً وعراً، مليئاً بالأخطار، محوطاً بالغدر من كل جانب؛ ولكنني يعزيني عن هذا أنني قد اسهمت في العمل على رفاهية بلدي، الذي يضارع الآن في رخائه أية دولة أخرى مهما بلغ ازدهارها. كذلك لم أهمل قط مصالح أسرتي والعمل على تقدمها، فقد وضعت نصب عيني على الدوام أن أحذو حذو جدي كوزيمو الذي كان يشرف على شئونه العامة والخاصة بيقظة لا تقل في هذه عنها في تلك. وإذا كنت قد وصلت الآن إلى الهدف الذي كنت أعمل واعنى به، فإني أعتقد أن من حقي أن استمتع بلذة الراحة، وأنال نصيبي من حسن سمعة مواطني، وأعتز بالمجد الذي ناله وطني.
ولكنه لم يتح له إلا قليل من الوقت للاستمتاع بالهدوء الذي لم يعتده؛ ذلك أنه لم يكد ينتقل إلى قصره الريفي في كزيجي Careggi (٢١ مارس سنة ١٤٩٢) حتى اشتدت عليه آلام المعدة اشتداداً مروعاً. واستدعى الأخصائيون من الأطباء، فسقوه مزيجاً من الجواهر فساءت حاله على الفور، واستسلم للموت. وقد أفصح لبيرو وبوليتيان قبل وفاته عن حزنه لأنه لم يطل أجله حتى يتم مجموعة المخطوطات ليستعينا بها ويفيدا منها