للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الروح … وأن تضعوا مغانمكم الدنيوية في خدمة الصالح الأخلاقية والدينية التي هي أساس هذه المغانم، وإذا كنتم قد سمعتم «أن الدول لا تحكم بالصلوات والأدعية» فاذكروا ان هذا هو حكم الطغاة المستبدين، … وهو حكم لا يعمل لحرية المدينة بل يعمل لظلمها، فإذا شئتم حكماً صالحاً، وجب عليكم أن تردوا هذا الحكم إلى الله» (١٤). وطلب إلى فلورنس أن تعتقد أن لحكوماتها ملكاً لا تراه العين-هو المسيح نفسه؛ وتنبأ بأن هذه الحكومة الدينية ستؤدي إلى «المدينة الفاضلة». وقال «أي فلورنس! وإذن ستكونين غنية بثروتك الروحية والزمنية؛ وستفوزين بإصلاح روما، وإيطاليا، وجميع الأقطار، وستبسطين جناحي عظمتك على العالم كله» (١٥). والحق أن فلورنس لم تسعد في يوم ما قبل ذلك الوقت كما سعدت في تلك الأيام التي كانت لحظة ساطعة في تاريخ الفضيلة القلق المضطرب.

لكن الطبيعة البشرية لا تتغير، فالناس ليسوا فضلاء بفطرتهم، والنظام الاجتماعي إنما يحافظ على كيانه المزعزع وسط التنازع الخفي والعلني القائم بين النفوس والأسر، والطبقات، والعناصر، والعقائد. وكان في المجتمع الفلورنسي عنصر قوي شديد الميل إلى الحانات، والمواخير، وأندية القمار ينفسون بها عن غرائزهم، أو يتخذونها وسيلة إلى الكسب؛ وثارت ثائرة أسر الباتسيين، والزيليين، والكيونيين، والفرع الأصغر من الميديتشيين وغيرهم من الأعيان الذين أخرجوا بيرو، حين رأوا أزمة الحكومة تقع في يدي راهب. وكانت بقية من حزب بيرو لا تزال قائمة تتحين الفرص التي تستطيع بها العودة إلى الحكم وتستعيد بها الثراء. كذلك كان الرهبان الفرنسيس يعملون بكل ما أوتوا من حماسة دينية ضد سفنرولا الدمنيكي، كما كانت عصبة صغيرة العدد من المتشككين تصب اللعنات على الطائفتين. واجتمعت هذه الطوائف المختلفة من أعداء النظام الجديد في تجريح مؤيديه ووصفهم بالباكين Piagnoni ( لأن الكثيرين منهم كانوا يبكون إذا سمعوا